الخميس 31 يناير 2019 جريدة عمان ملامح قانون الاتحاد الأوربي لحماية البيانات

د. عبد القادر ورسمه غالب

ان انتهاك البيانات الشخصية واستخدامها في أنشطة مختلفة دون رضاء أصحابها، أصبح دافعا لتبني قوانين جديدة  لحمايتها وصيانتها. يعتبر القانون الأوربي لحماية البيانات الشخصية الذي دخل حيز التنفيذ أخيرا، من أهم هذه القوانين وهو لا يميز ويلزم الجميع بالتنفيذ التام لحماية البيانات والخصوصية داخل أوروبا. وبذا، فالقانون يهدف لمنح المواطنين والمقيمين السيطرة على بياناتهم الشخصية وخصوصيتهم. وعبر هذا الدور الهام، تلعب القوانين دورا مفصليا في تشكيل علاقة الفرد بالآخر والمجتمع ككل، وهكذا يتطور نمط الحياة وفق ضوابط قانونية متطورة.  

Asia 728x90

ويتضمن هذا القانون الشروط المتعلقة بمعالجة البيانات الشخصية التي يمكن التعامل معها، وفي جميع الأحوال، يجب اتمام العمليات التجارية عند التعامل مع البيانات الشخصية حسب التصميم وبشكل افتراضي، وتخزين البيانات الشخصية باستخدام اسم مستعار أو إخفاء الهوية بالكامل، مع استخدام أعلى درجات الخصوصية بحيث لا تكون البيانات متاحة بشكل عام “لأي عين أو اذن”، ولا يجوز معالجة البيانات الشخصية ما لم يتم ذلك بموجب القانون أو الموافقة الصريحة من صاحبها.

على معالج البيانات الشخصية أن يكشف عن البيانات التي يجمعها، وكيف يجمعها، ولماذا يتم معالجتها، وكم من الوقت يتم الاحتفاظ بها، وما إذا يتم مشاركتها مع أي طرف ثالث. ويحق للشخص طلب نسخة من البيانات التي يجمعها المعالج، وكذلك له الحق في طلب مسح البيانات. وعلى السلطات العامة والشركات التي تعالج البيانات الشخصية، توظيف مختص لتأكيد الامتثال بالقانون. وأيضا، يجب على الشركات الإبلاغ عن أي خرق للبيانات في غضون  ثلاثة أيام، إذا كان لها تأثير سلبي. ولذا، الآن من الأمور الروتينية أن نسمع من الشركات بالاختراقات، وسابقا كان من الأمور السرية للغاية خوفا من العواقب.

وفقا للقانون الأوروبي فان “البيانات الشخصية هي أي معلومات تتعلق بفرد، سواء كانت تتعلق بحياة خاصة به أو مهنية أو عامة. يمكن أن تكون أي شيء من اسم أو عنوان منزل أو صورة أو عنوان بريد إلكتروني أو تفاصيل المصرف، أو عنوان كمبيوتر وبقية (أنماط البيانات  – آي بي – المشاركات) علي مواقع الشبكات الاجتماعية أو المعلومات الطبية….”. وبعد تعريفها، فان حماية هذه البيانات يتطلب “تصميم تحكم” خاص لحماية البيانات المتعلقة بتطوير العمليات الخاصة بالمنتجات والخدمات. ولذا يجب تحديد الخصوصية على مستوى عال بشكل افتراضي. واتخاذ التدابير التقنية والإجرائية من قبل وحدة التحكم للتأكد من أن المعالجة، وطوال فترة المعالجة، تتم وفق اللوائح، مع تنفيذ آليات لضمان عدم معالجة البيانات الشخصية ما لم تكن ضرورية للغرض المحدد.

وللمزيد من الخصوصية الأوربية، فانه لا يجوز الاعتراف بأي حكم من محكمة  وبقرار يصدر من سلطة  إدارية لبلد ثالث يطلب جهاز تحكم أو معالج لنقل البيانات الشخصية أو الإفصاح عنها بأي طريقة ما لم يستند ذلك لاتفاق دولي، أو معاهدة مساعدة قانونية سارية المفعول بين الدولة والاتحاد الأوروبي أو دولة عضو. وحماية البيانات أيضا تتضمن توجيها منفصلا لحماية البيانات في قطاع الشرطة والعدالة الجنائية ويوفر قواعد لتبادل البيانات الشخصية على المستويات الوطنية والأوروبية والدولية.

سيستفيد المستخدم من هذا القانون من عدة نواحي، أولها أن بياناته لم تعد سلعة رخيصة تستخدم في أي شيء على الإنترنت، ويمكنه المطالبة بحذفها من خوادم الشركات التي يتعامل معها وعليها أن تقوم بذلك في فترة قصيرة. من جهة أخرى سيعرف كل البيانات التي تجمع عنه وبهذا يمنع البيانات، عن حياته الخاصة والمهنية، التي لا يريد مشاركتها مع الآخرين. وستنطبق مجموعة واحدة من القواعد علي جميع أعضاء الاتحاد الأوربي وهذا سيخلق قاعدة كبيرة جدا علي مستوي العالم للحماية.

القانون يمنح حق الوصول للبيانات والمعلومات الشخصية وحق معرفة كيفية معالجة هذه البيانات، وهو ما بدأت الشركات توفره مثل فيس بوك وجوجل وغيرها. إضافة لما سبق، يضمن القانون الجديد للمستخدمين إعلامهم في أقل من 72 ساعة بعد اختراق أي خدمة من الخدمات التي يستخدمونها. ومن المعلوم أن الاختراقات التي تحصل عادة ما تؤدي إلى تسريب البيانات وسوء استخدامها لأي غرض أو بيعها في السوق السوداء، لكن مع القانون الجديد سيتم اشعار المتضررين بالاختراق، ويجب على الشركات توفير النصائح والتوصيات التي تساعد المستخدمين على حماية أنفسهم من تداعيات الاختراق.

من الواضح، أن القانون يضع سياجا قويا حول البيانات الشخصية وفي هذا حماية للجميع ولخصوصيتهم. ولكن، من دون شك نقول، القانون وحده لا يكفي لتغطية كل الحالات. ولهذا، على كل منا أن يكون الحامي الأول لبياناته وخصوصيته لأنه يشكل العتبة الأولي للاختراق أو الصد. ولنحرص علي حماية أنفسنا من كل متطفل يأتي متخفيا عبر الأثير.

د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمستشار القانوني الرئيسع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات