من وسائل الاثبات الثابتة التي ينص عليها القانون، توجيه اليمين الحاسمة “أسيروتاري أوث”، ويجوز لكل خصم بأذن المحكمة، توجيه اليمين الحاسمة لخصمه وللقاضي أن يقدر ملائمة توجيه اليمين أو رفضها اذا قصد منها الكيد، أو أن الوقائع غير قريبة الاحتمال، أو سبق أن قام الدليل بطرق اثبات أخري. ولا توجه اليمين الا بناء على طلب الخصم وبإذن من القاضي، أو أن يعرض على الخصم العاجز عن الاثبات بأن من حقه تحليف خصمه اليمين إن أراد ذلك. ولا يجوز توجيهها من القاضي دون موافقة الخصم، بل ينبغي السؤال عن تحليف الخصم اليمين الحاسمة من عدمه.
يجب أن يطلب الخصم العاجز عن الاثبات تحليف اليمين. ويعد المدعى عاجزاً عن الاثبات مثلا، اذا صرح بعجزه عن الاثبات ولا بينة له، الشهود في محل بعيد لا يعرف محل أقامتهم، امتناع الشهود عن الحضور، حضر الشهود ولم يشهدوا له، التناقض بما يؤدي لزعزعة الثقة بشهادة من شهد لصالح المدعي، شهود الخصم ردوا دعوى المدعى، وغيره. وللمحكمة تعديل صيغة اليمين التي يعرضها الخصم سواء من تلقاء نفسها أو بناء على طلبه. وليس للمحكمة أن تدخل تعديلا على صيغة اليمين بما يخرج موضوعها عن الحدود المرسومة في طلب الخصم وما يجعله يتناول عكس المقصد، واذا فعلت المحكمة ذلك تجاوزت حدود سلطتها في التقيد بالعمل في الحدود التي رسمها لها الطرفان.
اذا كان الخصم متعسفا في توجيه اليمين الحاسمة فللمحكمة رفض توجيهها، مثل أن ترد اليمين على وقائع لا تحسم النزاع أو غير متعلقة بشخص الخصم أو لا يدخل في سلطته الحلف عليها، واذا نازع الخصم الذي وجهت إليه اليمين في جواز توجيهها لأن موضوعها غير متعلق به أو أنه غير منتج في الدعوى أو غير حاسم أو اعترض على صيغتها أو طلب تعديلها. وعلى المحكمة الفصل في الاعتراض، واصدار حكمها برفض اليمين أو بتوجيهها. ويجوز للخصم الذي وجه إليه اليمين أن يرجع عن منازعته في توجيهها اذا لم تفصل المحكمة في النزاع، ولا يعد الخصم ناكلا قبل الفصل في منازعته. اما اذا توفرت شروطها وكان الخصم متعسفا يقصد الكيد أو اكتساب الوقت أو انصبت صيغة اليمين على وقائع بعيدة الاحتمال أو ثابتة ثبوتا جليا من المستندات المقدمة في الدعوى أو أن موجهها أراد أن يستغل ورع خصمه وشدة تدينه أو أراد بتوجيه اليمين تشكيك الجمهور في ذمة الخصم واظهاره مظهر الحانث بيمينه أو غير ذلك من الاسباب التي تملك المحكمة تقديرها. هنا، ترفض المحكمة توجيهها، ومسألة التعسف في توجيه اليمين مسألة تقديرية متروكة للقاضي يقدرها من ظروف الدعوى.
ان موضوع اليمين واقعة يدعيها المدعي وينكرها المدعى عليه، ويترتب على ثبوتها حق معين، ويكون هذا الحق موضوع اليمين مباشرة ويطلب المدعي من المدعى عليه مثلا أن يحلف بأنه ليس مدينا له بمبلغ. ويجب على من يوجه اليمين الحاسمة، أن يبين الوقائع التي يريد تحليفه عليها ويجوز أن توجه اليمين في أية حالة كانت عليها الدعوى، الا انه لا يجوز توجيهها عن واقعة مخالفة للنظام العام أو الآداب ولا يجوز أن يكون موضوع اليمين جريمة جنائية أو دين قمار أو ربا فاحش وغيره. اما اذا كانت الواقعة غير مخالفة للنظام العام ولكنها مخجلة أو ماسة بكرامة الخصم الذي توجه إليه اليمين فان ذلك لا يبرر منع توجيه اليمين، ويشترط أن تكون الواقعة موضوع اليمين منتجة في الدعوى بحيث تؤدي اليمين الى حسم النزاع، وأن لا يحرم القانون توجيه اليمين بشأن الواقعة، فاذا كانت الواقعة قد صدر فيها حكم فلا تقبل اليمين بشأنها. وينبغي أن تكون الواقعة متعلقة بالخصم الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة، كأن يحلف بأنه لم يقترض المبلغ الذي يطلبه المدعي. اما اذا لم تكن الواقعة متعلقة بشخص الخصم الذي وجهت إليه اليمين الحاسمة، فيجوز أن يتم توجيه اليمين إليه، على علمه أو عدم علمه بها، كأن يحلف الوارث مثلا أنه لا يعلم أن مورثه كان مدينا.
أعلاه بعض السمات الموجزة لليمين الحاسمة التي، في الواقع، تشكل قرارا حاسما لمن يرغب في توجيهها لخصمه عبر المحكمة. وهي أداة هامة ولها مفعول هام مباشر في حسم النزاع، ولذا نقول أنها “القرار الحاسم” الذي يتخده من لا يجد وسيلة اثبات أخري. ومن دون شك، للمحاكم دور كبير في هذا الخصوص للمراقبة الحاسمة العادلة لاستعمال هذه الوسيلة الحاسمة.
د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمدير التنفيدي
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
البحرين \ دبي