خطاب “اعتماد الضمان” أو “خطاب الجهوز”

الخميس 1 ديسمبر 2022

Asia 728x90

Stand-by Letter of Credit

ان الدور الهام والمحوري الذي تقوم به البنوك التجارية في دعم وتحريك التجارة العالمية لا يخفى على أحد، خاصة ذلك الدور الخاص الذي يتم عبر تقديم وتعزيز وتغطية خطابات الاعتماد المتعلقة بالعمليات التجارية بين العملاء وشركات التصدير الخارجية، والبنوك تقوم بهذا العمل على مدار الساعة يوميا. ونود هنا أن نوضح، أن من اساسيات العمل المصرفي أنه عمل متطور ومتجدد وذلك حتى يتمكن من تغطية كل المستجدات وفق المعطيات المتوفرة في كل وقت.

كدلالة على ما ذكرناه أعلاه، نشير الى الخطوة التي انتهجتها البنوك الامريكية وذلك باستحداث أو لنقل ابتكار نوع جديد من خطابات الاعتماد لتلبية الاحتياجات المتنامية للعملاء من مصدري السلع والخدمات الأمريكية. وهذا الابتكار المصرفي ظهر لأن القانون الاميركي يحظر على البنوك اصدار الكفالات المصرفية (التقليدية) بأنواعها المختلفة والتي تشمل خطابات الاعتماد المعززة، الاعتمادات المجددة تلقائيا (الدائرية) الاعتمادات القابلة للتحويل، اعتمادات الشريط الاحمر واعتمادات الشريط الاخضر، الاعتمادات المتعادلة، اعتمادات السحوبات الزمنية ….الخ.

ومن الواضح أن البنوك الامريكية لم تقف مكتوفة الأيدي ومغمضة العينين حيال هذا الأمر الهام بل بحثت عن بدائل مقبولة تمكنها من تغطية ومقابلة التزامات عملائها دون خرق للقانون. ولهذا تم شحذ الهمم لابتكار طريقة جديدة تم تطويرها الى ما يعرف حاليا بخطاب “اعتماد الضمان” (stand-by letters of credit) أو خطاب الجهوز. ونظرا لتداخل العمل المصرفي استفادت البنوك في البلدان الاخرى من هذا الاعتماد الأمريكي الجديد وتم تطبيقه خاصة في التعاملات فيما بينهم وبين البنوك الأمريكية وأيضا فيما بينهم مع بعضهم البعض. وهكذا،  تطور الامر حتى تم النص على هذا الاعتماد”الخاص”، في المادة (1) من النشرة رقم (600) لعام 1993 للقواعد والأعراف الدولية الموحدة للاعتمادات المستندية، وهذه المادة عالجت هذا النوع من الاعتمادات واعتمدته للعمل بين البنوك. وليس بغريب على البنوك الأمريكية “النفرة” والبحث عن البدائل المصرفية الحديثة وتطبيقها بصورة سليمة يستفيد منها كل القطاع المصرفي في كل مكان. ولهم حق الريادة في العديد من المجالات المصرفية الاستثمارية التي أدت لتطور الاقتصاد والتجارة العالمية.

وبموجب الممارسة والتقنين، تم تعريف خطاب “اعتماد الضمان” أو “خطاب الجهوز” على أنه عبارة عن تعهد بنكي صادر من المصدر ويتعهد بموجبه بقبول سحوبات المستفيد بمبالغ لا تزيد قيمتها عن حد معين وخلال مدة محددة وذلك مقابل  تقديم المستفيد لمستندات معينة يتحدد نوعها على أساس نوع الكفالة المطلوبة. وأول هذه المستندات تفيد أن الطرف المكفول (طالب فتح الاعتماد) فشل في تنفيذ الالتزامات المترتبة عليه والمتعاقد عليها مثل تقديم كفالة حق التنفيذ أو توقيع اتفاقية العطاء، .”Performance Bond”   

وهذا النوع من الاعتماد يصدر بناءا على طلب المقاول (contractor) او البائع (seller) الذي يطلب من بنكه أن يصدر اعتماد الضمان لصالح المستفيد (صاحب المشروع) او المشتري. وبموجب هذا يلجا المستفيد من السحب الى الاعتماد في حالة اخفاق المقاول أو البائع في القيام بتنفيذ التزاماته بموجب العقد، هذا ويتم الدفع بموجب ووفق شروط الدفع المتفق عليها.

ان الفرق بين اعتماد الضمان والاعتماد العادي (التقليدي) أن اعتماد الضمان يصدر لتغطية حالات اخفاق فاتح الاعتماد في تنفيذ شروط العقد  المبرم الواجب النفاذ. بينما يصدر الاعتماد العادي من أجل أن يحصل المستفيد على استحقاقه في حالة وفائه بشروط الاعتماد بعد تقديم المستندات المشار لها في العقد. ومن هذا يتضح أن اعتماد الضمان هو اعتماد خدمات وليس اعتماد استيراد أو تصدير والمستندات المقدمة عليه هي مستندات الخدمات وليس مستندات الشحن وما يرتبط بها. وكذلك يمكن للبائع أو المقاول أن يطلب من المشتري أو صاحب المشروع خطاب اعتماد ضمان لصالحه بحيث يلجا البائع أو المقاول للسحب على الاعتماد في حالة اخفاق المشتري أو صاحب المشروع.

من واقع التجربة العملية، اتضح لنا أن العديد من البنوك ما زالت تواجه بعض الصعوبات في فهم وهضم بل وتطبيق هذا النوع من الاعتمادات “خطاب اعتماد الضمان” بالرغم من أهميته البالغة في المعاملات مع البنوك الامريكية بل مع غيرها من البنوك الاخرى و خاصة بعد ان تم تضمينه في النشرة رقم (600) الصادرة من غرفة التجارة الدولية في باريس بصفتها المرجعية في هذا الخصوص.

ولذا ننصح البنوك بالعمل الجاد من أجل سبر أغوار هذا النوع الجديد من الاعتمادات خاصة  وأن ديناميكية الأعمال والتجارة يتطلبان التفاعل وضرورة الانسجام مع كل المستجدات المصرفية والتجارية وغيرها من أجل البقاء داخل دائرة الأعمال عبر تطبيق المنتجات المصرفية المتجددة دوما. والتجديد ينسجم مع روح الصناعة المصرفية التي تلبس الجديد دوما وتبحث عنه لاضافة الخدمات الجديدة لصالح العملاء والتجار. وتاريخ العمل المصرفي خير دليل على تطوره عبر الزمن وتطبيق الخدمات الجديدة ليجدد روحه ومساهمته لخدمة المهنة المصرفية الرائدة ولتغطية رغبات العملاء. وهذا هو المطلوب.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والرئيس التنفيذي

ع | شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحر ين \ دبي