الشركة وحقوق المساهم

لخميس 12 يناير 2023

Asia 728x90

وفق قانون الشركات التجارية، فان الشركة تعني عقد بين شخصين أو أكثر للقيام بمشروع في عمل قانوني واقتسام الريع من ربح أو خسارة بينهما حسب شروط الاتفاق لتأسيس الشركة. وهكذا الشركة تعني عمل مشترك لتحقيق أهداف معينة تأتي، في أغلب الأوقات، بالربح لهم نظير أعمالهم. وكل من يشترك في الشركة فهو “مساهم”، والمساهم هو أساس الشركة وهو مالك لجزء من الشركة حسب نصيب ومقدار مساهمته. وقانون الشركات التجارية يتضمن الأحكام المتعلقة بالعلاقة بين الشركة والمساهم وبين كل مساهم والآخر، وبين المساهم وأصحاب المصلحة وهكذا. ومن الجدير بالذكر أن قانون الشركات يتمحور حول المساهم ودوره من بداية تأسيس الشركة وحتي آخر لحظة أو نهاية أجلها لأي سبب.

ومع تطور العمل المؤسسي ونجاحاته واخفاقاته، تتأرجح العلاقة بين المساهم والشركة وبينه والجهات الأخري، والمرجع هو قانون الشركات ولوائحه. ولكن بالرعم من كل التطورات في العمل المؤسسي ما زالت هناك بعض “الهنات” التي قد تحتاج لمعالجة وفق القانون وكذلك وفق أطر مؤسسية أخرى، ومن هنا ظهرت الحاجة للبحث عن بدائل مقبولة تعمل على دعم العمل المؤسسي وفتح المجالات لتطويره لتحقيق مساحات واسعة من أجل الاستمرارية والبقاء لخدمة المجتمع. وكان من أمثل البدائل نظام “حوكمة الشركات”.

وحوكمة الشركات وضعت مبادئ أساسية لتطوير العمل المؤسسي ومن أهم هذه المبادئ دور المساهم وحقوق المساهم في الشركة. وعليه، عندما نضع الأطر والأحكام الخاصة بمبادئ حوكمة الشركات يجب بل ينبغي أن يكفل إطار حوكمة الشركات حماية حقوق كل مساهم في الشركة. ويجب أن تشتمل الحقوق الأساسية لكل مساهم على تأمين أساليب تسجيل الملكية ونقل أو تحويل ملكية الأسهم، الحصول على المعلومات الخاصة بالشركة فى الوقت المناسب وبصفة منتظمة، المشاركة والتصويت فى الاجتماعات العامة للمساهمين، انتخاب أعضاء مجلس الادارة، الحصول على حصص من أرباح الشركة.

ولكل مساهم الحق فى المشاركة، وفى الحصول على معلومات كافية عن القرارات المتصلة بالتغيرات الأساسية فى الشركة، ومن بين هذه المعلومات والقرارات كل التعديلات التي تتم فى النظام الأساسي أو فى مواد تأسيس الشركة أو فى غيرها من الوثائق الأساسية للشركة، طرح أسهم إضافية، أية تعاملات مالية غير عادية قد تسفر مثلا عن بيع الشركة. كما يجب وينبغي أن تتاح لكل مساهم فرصة المشاركة الفعالة والتصويت فى الاجتماعات العامة للمساهمين، وكما ينبغي احاطة كل مساهم علما بالقواعد التي تحكم اجتماعات المساهمين، ومن بينها قواعد التصويت. وهنا لا بد من تزويد المساهم بالمعلومات الكافية وفى التوقيت المناسب بشأن تواريخ وأماكن وجداول أعمال الاجتماعات العامة، بالإضافة إلى توفير المعلومات الكاملة وفى التوقيت الملائم بشأن المسائل التي تحتاج لاتخاذ قرارات بشأنها خلال الاجتماعات. وفي هذه الاجتماعات يجب إتاحة الفرصة للمساهم لتوجيه أسئلة إلى مجلس الادارة ولإضافة موضوعات إلى جداول أعمال الاجتماعات العامة، على أن توضع حدود معقولة لذلك. ويجب أن يتمكن المساهم من التصويت بصفة شخصية أو بالإنابة، كما يجب أن يعطى نفس الوزن للأصوات المختلفة، سواء كانت بالحضور أو بالإنابة.

وحماية لصغار المساهمين، لا بد من الافصاح عن الهياكل والترتيبات الرأسمالية التي تمكن أعداد معينة من المساهمين من ممارسة درجة من الرقابة لا تتناسب مع حقوق الملكية “الصغيرة” التي يملكونها. وليتم هذا وفق معايير عادلة، يجب السماح لهيئات أسواق المال والجهات الرقابية على الشركات بالعمل على نحو فعال يتسم بالشفافية. وفي هذا الخصوص، يجب وضع الصياغة الواضحة والافصاح التام عن القواعد والاجراءات التي تحكم حيازة الأسهم وحقوق الرقابة على الشركات فى أسواق المال. وهذا الامر قد يكون ضروريا وهاما بالنسبة للتعديلات غير العادية، مثل عمليات الاندماج وبيع نسب كبيرة من أصول الشركة، وذلك حتى يتسنى للمستثمرين “من المساهمين” من فهم حقوقهم والتعرف على المسارات المتاحة لهم كما أن التعاملات المالية يجب أن تتم بأسعار مفصح عنها، وأن تتم فى ظل ظروف عادلة يكون من شأنها حماية حقوق كافة المساهمين وفقًا لفئاتهم المختلفة.

ولمنح المزيد من العناية بصغار المساهمين، يجب ألا تستخدم الآليات المضادة للاستحواذ لتحصين الادارة التنفيذية ضد المساءلة. كما ينبغي أن يأخذ المساهمون وخاصة “المستثمرون المؤسسون – انتستتيوشنال انفستورز” فى الحسبان التكاليف والمنافع المقترنة بممارستهم لحقوقهم فى التصويت.

كل هذه الحقوق يجب أن تتضمنها مبادئ حوكمة الشركات لحفظ حقوق وحماية المساهم في الشركة بصفته نقطة الأساس فيها. ومن الضروري ألا تقف مبادئ حوكمة الشركات عند هذا الحد ويجب أن يكفل إطار حوكمة الشركات مبدأ “المعاملة المتكافئة لجميع المساهمين”، وهذا بالطبع يشمل صغار المساهمين والمساهمين الأجانب. كما يجب أن يجد كل مساهم فرصة الحصول على تعويض فعلى فى حالة انتهاك حقوقه. ولهذا، يجب أن يعامل المساهمون المنتمون إلى نفس الفئة معاملة متكافئة بدون تمييز. مع الاشارة الى أنه ينبغي أن يكون لكل مساهم، داخل كل فئة، نفس حقوق التصويت. وجميع المساهمون يجب أن يتمكنوا من الحصول على المعلومات المتصلة بحقوق التصويت الممنوحة لكل من فئات المساهمين وذلك قبل قيامهم بشراء الأسهم كما يجب أن تكون أية تغيرات مقترحة فى حقوق التصويت معروفة من جانب المساهمين، وأن يتم التصويت بواسطة الأمناء أو المفوضين بطريقة متفق عليها مع أصحاب الأسهم.

وبالنسبة للاجتماعات العامة للمساهمين، يجب أن تكفل العمليات والاجراءات المتصلة بها المعاملة المتكافئة لكافة المساهمين، مع مراعاة ألا تسفر اجراءات الشركة عن صعوبة أو عن ارتفاع فى تكلفة عملية التصويت وهذا يشمل منع تداول الأسهم بصورة لا تتسم بالإفصاح أو الشفافية. ولتحقيق هذه الشفافية، يطلب من اعضاء مجلس الادارة أو المديرين التنفيذيين الافصاح عن وجود أية مصالح خاصة بهم قد تتصل بعمليات أو بمسائل تمس الشركة، وهذا ضروري لمنع تضارب المصالح.

وهكذا القانون ومبادئ الحوكمة توفر للمساهم الحماية الضروية والحصانة الكافية ليتمتع بحقوقه في الشركة بدون نقص أو نكران أو تجاوز. ولكن السؤال المهم، هل يستوعب المساهم هذا الوضع الخاص؟ وهل يحافظ عليه وهل يهتم ويمارس دوره، وبنفس القدر، في الشركة؟ الاجابة ضرورية من كل مساهم لتكتمل الحلقة.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع\ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م البحرين \ دبي