الحماية القانونية للابداع والابتكار

الحياة مليئة بالابداع في شتى المجالات العلمية والفنية والاجتماعية، وكل هذا الابداع يزين حياتنا ويمنحها “طعم خاص” ومذاق خاص، بل وقيمة خاصة. ولهذا، نحن في حاجة ماسة للمبدعين والمبتكرين. والسؤال هل لديهم الدعم للاستمرار في ابداعنا، وهل لديهم الحماية القانونية المطلوبة للدرجة التي تمكنهم من الاستمرار في الابداع والابتكار؟ واذا توفرت هل هم يعلمون بها والي اي حد؟

Asia 728x90

وهل أنت أو هي أو هو مبتكر ؟ هل أنت أو هي أو هو مبدع ؟ هذا الأسئلة تتردد كثيرا في عدة مناسبات دون أن تنتظر الاجابة لأن الابداع والابتمار يتحدث بنفسه وعن نفسه. وفي حالات كثيرة، كما نلاحظ ، يتم استخدام كلمة “الابتكار” أو “الابداع” بصورة مبهمة وغير مفهومة تماما وربما تكون غير واضحة بما فيه الكفاية لفهم الجميع.

ان كلمة الابداع أو الابتكار، بصفة عامة وفي أغلب الأحوال، تشير الي “ابتكار عمل جديد” أو  “ابداع صناعة جديدة” ودائما تكون غير معروفة من قبل بالدرجة الكافية. ان الابداع والابتكار، لا يأتي من أي شخص وانما من شخص معين ولحكمة ما حباه المولي (جل جلاله) بمقدرات فكرية معينة لإنتاج ابداع خاص مبتكر من بنات أفكاره ووجدانه الآتي من عقله وقلبه معا. والآن، العالم يهتم كثيرا بالمبدعين والمبتكرين ويدعمهم لأنهم يشكلون ثروة دفينة لصالح البشرية. اضافة لهذا، فان “الابداع” و”الابتكار”  الناجح له قيمة معنوية وكذلك مادية أيضا لأنه الآن يوفر عوائد مالية واستثمارية كبيرة لأصحاب هذه الأفكار وغيرهم وهم كثر بدون عدد يحصى. وبالتالي، نقول، هناك ضرورة قصوى تستوجب توفير الحماية القانونية لهذه الفئة ذات الأفكار والحقوق الناشئة والمرتبطة بهذه الأفكار. وفي هذا ومنه يستفيد الجميع.

من الناحية القانونية، يمكن تنمية القيمة المادية والاستثمارية للابتكار والابداع، وذلك عبر حماية حقوق الملكية عبر القوانين المحلية والمواثيق الدولية المجازة. ان حماية حقوق الملكية الفكرية تأخذ عدة أشكال قانونية، منها مثلا، الحماية عبر تسجيل براءات الاختراع، حقوق التأليف والنشر والحقوق المجاورة، العلامات التجارية والأسماء التجارية، المنتجات الصناعية التقليدية أو الالكترونبة، الأسرار المهنية .. وغيره. وكل هذه الأشكال اذا تم حفظها وتسجيلها يكون لها قيم تجارية معروفة، تعود أولا لصاحبها المبتكر والمبدع وهذا يحفزه للمزيد والمزيد من الابداع.

يجب علي صاحب الابتكار والابداع معرفة ابتكاره وابداعه ومعرفة قيمة أفكاره التى أتى بها. وعليه أيضا العمل علي حمايتها وفق القانون والاجراءات المتبعة، والا ضاعت القيمة المادية العائدة لها وانتهت بكل حسرة. ولذا يجب التوعية لمعرفة الأساسيات عن حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع، وكيف ؟ ومتى ينبغي أخذها في الاعتبار لحمايتها وكذلك تطويرها للمنفعة العامة قبل الشخصية. والكثير من الدول، ذهبت الميل الاضافي، وأنشأت هيئات خاصة لهذا الغرض ونجدها تجني الكثير من الفوائد نظير هذه التوجهات الجميلة لتنمية المواهب والعقول المبدعة.

وصاحب الابتكار والابداع مثلا، في مجال تقنية المعلومات وبرمجتها يجب عليه المبادرة والاستعانة بخبير خاص، له المام بحقوق براءات الاختراع وحقوق التأليف والقوانين الخاصة وكل ما يتعلق بحقوق الملكية الفكرية المرتبطة بشكل أساسي بتكنولوجيا البرمجيات والتقنيات الحديثة التي تحدث يوميا في هذا المجال الهام. والأمثلة العالمية كثيرة جدا وتبين مدى الفوائد التي عادت للمبتكرين والمبدعين، وأصبحوا من أصحاب الثروات بسبب برمجة أفكارهم التقنية وحمايتها وفق القانون، ولننظر مثلا أين وصل “بيل جيتس” نظير أفكاره وغيره الكثير وسيأتي الأكثر. واضافة للفائدة التي جناها العالم من ابتكاراتهم وابداعاتهم، فان الجميع مدين لهم بالعرفان مع التطلع للمزيد والمزيد من المجهول..”وما أوتيتم من العلم الا قليلا”.. والقادم أفضل بسبب العلم والتعلم.

ان الملكية الفكرية، الناتجة من الفكر البشري المبتكر والوجدان المبدع، غير ملموسة ولا يمكننا رؤيتها أو الإحساس بها ماديا أو لمسها أو ذوقها. ولكن، في المقابل، ومن الناحية  القانونية، فان لهذه الملكية الفكرية بعض  الحقوق التي يمكن أن تجعل هذه الأفكار “غير الملموسة” قابلة للامتلاك بشكل ما. وبالتالي، فإنها تضفي وتمنح نوعا من  الحق على من يمكنه استخدام هذه الفكرة أو الاختراع وتسجيلها وحمايتها.

عندما نفكر في الحصول على الفوائد المادية المرتبطة بحقوق الملكية الفكرية لاختراع ما، لابد من التقديم للحصول على براءة الاختراع لهذا الابتكار أو الابداع. ولتحقيق هذا الأمر لا بد من اثبات أن الفكرة جديدة  ومفيدة حتى تنال براءة الاختراع. وهناك الكثير من الأفكار المؤهلة لنيل هذا الحق، ولكن بكل أسف لا تجد من يقف خلفها لنيل قصب السبق.. وكما قلنا، في مثل هذه التصرفات خسائر جمة للجميع لاندثار العديد من الأفكار الجميلة الخلاقة لعدم اهتمام صاحبها أو موته. وكما يقولون، ربما موت شخص “موت أمة”. والكثير يذهبون من الدنيا وتذهب أفكارهم الي تحت التراب.

وهنا نحتاج للجراءة والشجاعة والعزيمة من المبدع صاحب الأفكار وكذلك من الجهات الرسمية وكل المجتمع. ولذا نقول، من المهم جدا أن تكون أنت أول من يحرص علي التقدم للحصول على “براءة اختراعك” أو “حقوق ملكيتك”، وهذا لا يعني أن تقدم لها فور تكوين الفكرة في ذهنك، ولكن عليك تقديم طلب الحصول لبراءة الاختراع مثلا عندما تصل لمرحلة الفهم الكامل لفكرتك وبعد معرفة كل التفاصيل بشكل كاف للتطبيق السليم.  

  وبشكل أساسي، يجوز للمبتكر والمبدع، الاستفادة من العديد من الأشكال القانونية ونذكر منها، الحصول علي براءة الاختراع أو “شهادة المنفعة” وهذه هي الأكثر شيوعا وبدأنا نلاحظها كثيرا، والحمد لله. أو الحصول علي براءة التصميم وهي تغطي الشكل الزخرفي أو الجمالي للواجهة، وتشمل النواحي الجمالية لأي تصميم. مع العلم أن الكثير من الاختراعات تقع تحت براءات الاختراع والتصميم معا. أو الاستفادة من السر المهني وهو أي شيء يتم إبقاؤه سرا لما له من ميزة تجارية خاصة جدا.

والأمثلة الشهيرة نجدها مثلا في مكونات وصفات المشروبات الغازية “كوكا كولا وبيبسي كولا وغيرهم” ومكونات وصفات طبخ الأكلات السريعة “همبرجر وكنتكي فرايد جكن وبيتزا هت وغيرهم”. أو تسجيل العلامات والأسماء التجارية وهي تحمي الأسماء التجارية أو شعارات العلامات التجارية “اللوقو” أو أي شيء يميز هذه العلامة. أو تسجيل حقوق النشر والتأليف وهي تحمي الأعمال الفنية والأدبية والموسيقية وغيرها. وكل هذه الأشكال القانونية الحمائية تسندها القوانين المحلية ذات الصلة والاتفاقيات والمواثيق الدولية الصادرة من منظمة “الملكية الفكرية – وايبو”، وغيرها من المنظمات الدولية، التي يقع التصنيف خلف لوائها كل دول العالم.

وهكذا، كما نلاحظ، فهناك “نفرة” محلية و”نزعة” عاليمة لحماية الابتكار والابداع مع العمل الجاد علي برمجتها حتي يستفيد منها صاحب العقل الخاص “المتوهج”، وكذلك حتي تري النور لتستفيد منها البشرية جمعاء. وفكر الابتكار والابداع البشري، نعمة من الله “والله فضل بعضكم على بعض…”، ويجب أن ينتشر ليملأ ويضيء كل طرقات العالم ويكون حافزا قويا للجميع.. وواجبنا الحفاظ علي هذا الفكر المفكر لنزيد ولنجعل العالم أكثر تألقا وابداعا نحلق معه في واقع جميل مبدع..

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والرئيس التنفيدي

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي