في مسار البشرية وتطورها الطبيعي المتواصل في مجال العلوم، “وما أوتيتم من العلم الا قليلا”، ولقد تم انتقالنا بفضل الجهود والعمل المتواصل من عصر الثورة الصناعية الأولي حتي وصلنا الآن لعصر الثورة الصناعية الرابعة التي أتت لنا بفضل الثورة التقنية المتطورة وابتكاراتها المستمرة في التطور. من ضمن مخرجات الثورة الصناعية الرابعة نجد، التقنية المعروفة الآن ب “الذكاء الاصطناعي”. وعبر هذه التقنية يتم الاستفادة بالآلة “الماكينة الجماد” في العديد من الأعمال نيابة عن العقل واليد البشرية أو بالتعاون معها. وفي تقنية الذكاء الاصطناعي، يقوم التقنيون الفنيون بوضع برامج معينة لتمكين الآلة من التحرك والعمل وفق البرنامج أو البرامج التقنية المعدة خصيصا لذلك الغرض. ومن هذا مثلا، نجد الروبوت والدرون وسيارة السياقة الآلية وغيرهم من أفضال هذا الذكاء التقني. وبفضل الذكاء الاصطناعي تعمل الدرون علي توصيل الرسائل، ويعمل الروبوت في الصناعة الدقيقة والعمليات الجراحية، وتتحرك السيارة ذاتيا بدون سائق بشري من لحم ودم، والامثلة عديدة. وهكذا وبفضل الذكاء المبرمج تقوم هذه الآلات بمهام عديدة وبالتالي أدي هذا لظهور نوع جديد من العمالة ينافس البشر، وقد يحل محلهم في عدة مهام. ومن هذا يتخوف البعض لأن “المنافس” والعامل الجديد خطير جدا ويعمل في صمت وبدون توقف أو احتجاج أو مطالبات وكل هذا يغري اصحاب الأعمال للتوسع في الاعتماد على الألة الدائمة المطيعة البكماء الخرساء.
ونظرا لظهور أهمية الذكاء الاصطناعي ومنتجاته وأذرعه المتعددة، بدأ التنافس المحموم بين الجميع لتطوير الذكاء الاصطناعي وتوسيع مجالاته وتنويع مهامه واحداثياته وذلك نظرا للسوق المتعطش دوما والمفتوح، وفي هذا فلينافس المتنافسون. ومن أكبر الشركات التي انغمست بشده في هذا التنافس نجد مثلا، شركة مايكروسوفت، شركة سامسونغ، قوقل، فيليبس، سيمنس، سوني، انتل، كانون، آي بي أم، وغيرهم، وكما نري أغلبهم من أمريكا والبقية من اليابان والمانيا وكوريا وهولندا…. كل هذه الشركات، وغيرها، تتنافس الآن في هذا المجال الجديد وتبدع في الابتكارات والتطوير الفني، وبالطبع كل هذا النشاط يعود للفائدة المباشرة للشركات وكذلك يعود لفائدة المستهلك الزبون الذي يرغب في المزيد من التقنيات الحديثة والمزيد من المجالات التي يمكن أن يلجأ اليها ويستفيد منها في أعماله أو في حياته الشخصية أو لفائدة كل المجتمع من حوله. وبالطبع كل هذا الانتاج الجديد يجب أن تحرص الشركات علي تسجيله أولا بأول لحفظ حقوق الملكية الفكرية وبراءات الاختراع والأسماء وما ينجم عن كل هذا من فوائد مادية ومعنوية وغيرها من الحقوق الفنية والتقنية وقصب السبق.
والسؤال الذي يطرح نفسه ؟ هل نطبق نفس القوانين والأنظمة المتبعة الآن وهي أصلا صممت للأعمال “التقليدية” المعروفة والمرئية من انتاج البشر، وكيف يتم تحديد ما هو جديد وكيف يتم تحديد الفوائد الناتجة عنه ومن يقوم بهذا وكيف يقوم بهذا ؟ هذه أسئلة قانونية مشروعة وتحتاج للإجابات الشافية حتي يستقر الوضع ويأخذ كل ذي حق حقه، وكذلك ليعرف الآخرون حدودهم وحدود غيرهم في هذا المجال الحيوي المتسارع الخطى. ومن المهم جدا معرفة أين يتم التسجيل وكيف يتم التصنيف الفني للمنتج الجديد ودرجات هذا التصنيف حتي يلجا له الآخرون في أي وقت وكلما استجد جديد من ابتكارات الذكاء الاصطناعي التقنية. وللعلم، نقول أن القضايا والمنازعات والخلافات بدأت فعليا وظهرت للعيان ومنها من أخذ طريقه للقضاء للفصل وفق المعطيات القانونية وكذلك ذهب بعضها للجهات المختصة في هذا المجال للاستنارة والتشاور. وعموما، الموضوع برمته ما زال حديثا ويحتاج منا للكثير من “للذكاء الطبيعي”. والمطلوب من الشركات المتنافسة في هذا المجال الجديد، ان تكمل مشوارها الفني وتبين محتوي براءة الاختراع الجديد وما هي الحدود الجديدة التي ابتكرتها وكيف ابتكرتها وما هي خصوصيتها الفنية التقنية وأين “الأصالة” في المنتج وماذا أضاف لمصلحة المستهلك ولكل البشرية. وفي المقابل، من الضروري جدا ايجاد الوسائل القانونية المتطورة لحفظ هذه الحقوق الابتكارية الجديدة وتسجيلها وحمايتها من التغول والتربص والانتهاك، وكل هذا سيساعد في نشر هذه التقنية وشحذ همم ذوي الهمم للمزيد من الذكاء الاصطناعي الآلي المفيد لمجتمعاتنا من البشر ..
د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمستشار القانوني الرئيس
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
المنامة – المنطقة الدبلوماسية – برج الدبلومات