خطاب الضمان المصرفي

الخميس 13 يوليو 2023

Asia 728x90

تقوم البنوك التجارية بتقديم عدة خدمات مصرفية للعملاء وغيرهم، في اطار الخدمات المصرفية المصرح بها والمتعارف عليها في الممارسة المصرفية السليمة. ومن ضمن النشاطات المصرفية الهامة، تقوم البنوك باصدار خطابات الضمان المصرفية عند الطلب. ووفق قانون التجارة البحريني (القانون رقم 7 لسنة 1987) وتعديلاته، نجد المواد من 331 الى 336 تتناول تفاصيل الأحكام المتعلقة بخطاب الضمان. ووفق هذا القانون، فان “خطاب الضمان” تعهد يصدر من بنك بناء على طلب عميل يسمى “الآمر” بدفع مبلغ معين أو قابل للتعيين للمستفيد إذا طلب منه ذلك خلال المدة المعينة في الخطاب ويوضح في خطاب الضمان الغرض الذي صدر من أجله.

ومن هذا، نقول أن خطاب الضمان عبارة عن التزام “تعهد” يقدمه البنك لطرف ثالث “المستفيد” بناء على تعليمات العميل “الآمر”، وبموجب هذا الضمان يتعهد البنك ويلتزم بدفع مبلغ معين (أو قابل للتعيين) نيابة عن العميل “الآمر” للمستفيد خلال المدة أو التاريخ المحدد في خطاب الضمان. ويجب أن يتضمن خطاب الضمان الغرض الذي صدر من أجله، مثل توريد البضاعة أو تقديم خدمة معينة أو تنفيذ خدمة وغيره. ومن الناحية القانونية، فان خطاب الضمان عبارة عن “عقد” يبرمه البنك مع العميل وتتم فيه الاشارة الى الطرف الثالث “المستفيد” ومبلغ الضمان والمدة المحددة لدفع مبلغ الضمان الى المستفيد.

ويجب الحرص عند صياغة العقد “خطاب الضمان”، لأن سوء الصياغة تسبب أو قد يتسبب في العديد من المشاكل القانونية والمخاطر العملية في مواجهة البنك، وأيضا الأطراف المذكورة في العقد. وفي جميع الأحوال، ننصح أن تتم صياغة العقد في صورة آمرة لا لبس فيها أو جهالة ويلتزم فيها البنك التزاما تاما واضحا بالسدلد عند الطلب، ومن واقع التجربة هناك مشاكل قانونية عديدة طرأت أو قد تطرأ بسبب سوء أو ضبابية صياغة العقد “خطاب الضمان”. ولأن البنك هو الطرف الذي يصدر خطاب الضمان، فاننا نتوقع أن يكون خطابا مهنيا سليما ومبرأ من العيوب وممثلا للممارسة المصرفية السليمة.

ونظرا لالتزام البنك الواضح في هذه المعاملة، فان القانون يسمح له أن يطلب تقديم تأمين (غطاء) مقابل إصدار خطاب الضمان. ويجوز أن يكون التأمين نقدا أو أوراقا ذات قيمة مالية أو تجارية أو بضائع أو تنازلا من الآمر للبنك عن حقه تجاه المستفيد. ولكن في نفس الوقت، وبنص القانون، فانه لا يجوز للمستفيد التنازل عن حقه الناشئ في خطاب الضمان، الا بعد الحصول على موافقة البنك الكتابية. وهذا يمثل التزام من البنك مقابل التزام من المستفيد. ان خطاب الضمان يصدر في الأساس بناء على العلاقة المصرفية الوطيدة بين البنك والعميل. وهذه العلاقة قد تكون مستمرة لسنوات وعقود عديدة، وفي نفس الوقت هناك طرف ثالث في خطاب الضمان هو “المستفيد” من خطاب الضمان وهذا المستفيد قد لا يكون معروفا للبنك ولا علاقة البنة بينهما. وفي مثل هذا الوضع، من المشاكل أو الممارسات غير السليمة نجد البنك، في بعض الحالات يتعاطف من العميل على حساب المستفيد. ومن هذا قد يتعمد البنك تأخير الاستجابة لطلب المستفيد بتغطية خطاب الضمان أو المراوغة في السداد أو طلب أمود أو اجراءات من المستفيد لا علاقة لها بخطاب الضمان، وتتعدد الأسباب والهدف واحد ينحصر في التعاطف مع العميل وتجاهل المستفيد.

وهذه الممارسة، غير مقبولة اطلاقا بل تعتبر غير مهنية وتخالف العمل المصرفي والممارسات السليمة ويجب على البنوك الابتعاد عنها تماما وتجنبها والوفاء بالوعد والعهد والأمانة. ولهذا نجد نصا واضحا في القانون، يقول أنه يجوز للبنك أن يرفض الوفاء للمستفيد بسبب يرجع إلى هلاقة البنك باللآمر أو الى علاقة الآمر بالمستفيد. ولذا، وفي جميع الحالات، على البنك الالتزام بتنفيذ التعهد الذي أخذه على كاهله بموجب خطاب الضمان. (وأوفوا بالعهد ان العهد كان مسؤولا). ولكن الى متى يستمر هذا التعهد على كاهل البنك تجاه المستفيد. اليس هناك حد لهذا الالتزام الثقيل؟

نقول، وفقا للقانون، تبرأ ذمة البنك قبل المستفيد إذا لم يصله خلال مدة سريان خطاب الضمان طلب من المستفيد بالدفع، وذلك ما لم يتم الا تفاق صراحة بين الطرفين على تجديد المدة. ومن الناحية العملية، فان هذا يحدث كثيرا لأسباب عديدة تتعلق بالمستفيد، بل وفي بعض الحالات تتعلق بالعميل الآمر لاتفاقه مع المستفيد بتأجيل موعد السداد. وهناك حالات لا يظهر فيها المستفيد أطلاقا لعدة أسباب ترجع له، وهنا يكون البنك فد استفاد في نيل ثقة واهتمام العميل لأنه نفد تعليماته باصدار خطاب الضمان، وكذلك استفاد البنك من الرسوم التي تحصلها نظير هذه العملية المصرفية، وفي العادة تتحصل البنوك على رسوم كثيرة نظير هذه الخدمات المطلوبة بصفة يومية.

ونعود لحالة وفاء البنك بتعهده في خطاب الضمان وسداد المبلع المحدد في خطاب الضمان عند الطلب وفي حينه، وهذا ما بحدث كثيرا وهو المطلوب في هذه العملية المصرفية. ووفق القانون، على البنك وفي نهاية مدة سريان خطاب الضمان، ان يقوم باعادة ورد ما قدمه له  الآمر من تأمين للحصول على هذا  الخطاب، نظرا لاكتمال العملية وانتفاء الغرض من التأمين. وإذا قام البنك بالوفاء وسداد المبلغ المتفق عليه للمستفيد، كما ورد في خطاب الضمان، فان البنك يحل محله في الرجوع على الآمر بمقدار المبلغ المدفوع والخصم من حساب العميل لدي البنك. وهكذا عبر هذه الخدمة المصرفية الهامة استفاد جميع الأطراف ونأمل في استمرار هذه العمليات المصرفية شريطة الالتزام بالقانون والمهنية والممارسات المصرفية السليمة.

المستشار د عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع\ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي