مفهوم العقد الابتدائي وشروطه


د, عبد القادر ورسمه غالب

العقد شريعة المتعاقدين وهو يعود لرغبتهما الأكيدة في التعاقد وهم يتمتعون بالأهلية القانونية اللازمة لابرام العقد بطوعهما واختيارهما. وعليه، وبناء على هذا، فان العقد الصحيح يكون نافذا بقوة القانون ويتحمل كل طرف التبعات الناجمة عن ذلك. ونظرا لأهمية العفد في حياتنا التجارية والاجتماعية وغير ذلك من الأمور المتعددة، يتدخل القانون لمنح العقود الفوة القانونية وتنفيذ ما يترتب على ذلك من تبعات خاصة بعد توفر التعبير عن الارادة وارتباد الايجاب بالفبول.

Asia 728x90

ونظرا لأن العقد وكل ما يرتبط به يعود وبصفة أساسية لأطراف العقد، فان هؤلاء الأطراف يتمتعون بالصلاحية التامة في تحديد نوع العقد. وبموجب أحكام القانون المدني البحريني، هناك صور خاصة في التعاقد يجوز للأطراف الاستفادة منها. ومن صور العفود الخاصة تجد العقد الابتدائي والوعد بالعقد والتعاقد بالعربون والتعاقد بالمزايدة والتعاقد بالاذعان. ولكل من خذخ العقود أصولها وأحكامها ومتطاباتها. وهنا نتناول للأهمية، ما يسمى بالعقد الابتدائي (أو العقد التمهيدي أو العقد الأولي). ووفق أحكام القانون يعتبر العقد إبتدائيا كلما كان من شأنـــه أن یــبرم في صورة أخرى جدیدة أو یبرم مرة ثانية بين نفس الأطراف. ومن الأحكام الفانونية، عند تحرير عقد ابتدائي يجب على كل من طرفيه ابرام العقد النهائي في الميعاد الذي يحدده العقد الابتدائي، أو في مدة مقبولة إذا خلا العقد الإبتدائي من نص على ميعاد تحریر العقد النهائي.

ينص القانون أنه “یبرم العقد النهائي بنفس شروط العقد الإبتدائي ما لم یتفق على إجراء تعديل فيها أو كان هذا التعديل مما تستوجبه طبيعة المعاملة أو ظروف الحال”. ومن الواضح أن هناك مشكلة في هذه الفقرة لأنها تلزم الأطراف بابرام العقد النهائي بنفس شروط العقد الابتدائي ما لم يتفق على اجراء تعديل فيها، والسؤال متي يتم الاتفاق على تعديل الشروط ؟ هل ضمن وأثناء وضع شروط العقد الابتدائي المبرم أو لا حقا. اعتقد أن النص يحتاج لمراجعة واعادة صياغة لتحديد هذه النقطة الهامة جدا للعقد الابتدائي.

وحتي يكون للعقد الابتدائي القوة القانونبة النافذة،  ينص القانون أنه إذا امتنــع أحـــد طرفي العقد الإبتدائـــي بدون مبرر عن إبرام العقد النهائي، كان للطرف الآخر، أن یرفع دعوى بصحة ونفاذ العقد الإبتدائي. ویقوم الحكم بصحة ونفاذ العقد الإبتدائي ، متى حاز قوة الأمر المقضي به مقام العقد النهائي. على أن يتم شهر الحكم في الحالات التي یتطلب فيها القانون ذلك حتى يلم به كل من له علاقة لازمة أو مستقبلية. ومن هذا النص يجب على الاطراف المتعاقدة معاملة العقد الابتدائي بالجدية والعناية الكافية، والا سيتدخل القانون ويقضي بصحته ونفاده وجعله في مفام العقد النهائي.

ان تقنين وضع العقد الابتدائي في نظرنا يعتبر من الامور الهامة، وذلك حتى يتعامل بين الأطراف المتعاقدة بجدية. وتزيد هذه الأهمية، اذا علمنا أن هناك حالات عديدة يحتاج فيها الأطراف للتعاقد ولكن توجد بعض الأمور الفائبة في حينه وبالرغم من هذا الغياب تتوفر لديهم الرغبة الأكيدة للتعاقد وهنا تدخل القانون ومنحهم الفرصة للتعاقد الابتدائي ولاحقا بلورة هذا الأمر الابتدائي الي عقد نهائي. وكل هذا لمنح الأطراف المزيد من الاطمئنان في أن البداية ستصل للنهاية وفق رغبتهم ولتحقيق مرادهم. أعرق حالات عديدة مثلا لبيع عقار في مكان خاص أو بيغ قطعة فنية ثمينة خارج المزاد أو أي أغراض أخري غير محددة القيمة أو التقييم .. وفي كل هذه الحالات هناك رغبة في البيع ورغبة في الشراء ولكن هناك حاجة للتقييم لتحديد السعر النهائي أو اصدار شهادة اعتماد أو اعتراف بالأصل أو غيره. هنا وفي مثل هذه الحالات الضرورية يكون ابرام العقد الابتدائي هو خير وسيلة لضمان تحقيق رغبة البائع والمشتري والمحافظة على الوضع الاتفاقي حتى الوصول للسعر النهائي المتفق عليه أو غير ذلك  من المتطلبات الأخرى.

وفي احدى القضايا، أكدت المحكمة في البحرين، أنه يشترط لثبوت حق الدائن في المطالبة بفسخ العقد شروطًا ثلاثة، وهي أن يكون العقد ملزمًا للجانبين، وألا يقوم أحد المتعاقدين بتنفيذ التزامه، وأن يكون المتعاقد الآخر الذي يطلب الفسخ مستعدًا للقيام بالتزامه من جهة، وقادرًا على إعادة الحال على أصلها إذا حكم بالفسخ من جهة أخرى. جاء هذا في حيثيات الحكم بقبول دعوى تطالب فيها المدعية بفسخ عقد بيع عقار، حيث وقعا “العقد الابتدائي” واستلم الأخير العقار إلا أنه لم يقم بسداد باقي المبلغ المستحق عليه، وقضت المحكمة بفسخ العقد وطرده من العقار وتسليمه للمدعية. وهذا يبين أهمية العناية بالعقد الابتدائي والالتزام ببنوده وبالعدم تحمل النتائج القانونية.

د, عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنغبذي