تقوم غرفة التجارة الدولية بباريس (أي سي سي)، عبر لجانها ودوائرها المختلفة، بإصدار العديد من القواعد الموحدة التي تتضمن القوانين والأنظمة الداعمة والمنظمة للتجارة الدولية لرفد الاقتصاد والتجارة وتحقيق السلام العالمي عبر التجارة والاستثمارات المشتركة. وهناك أمثلة كثيرة في هذا النشاط الهام، لغرفة التجارة الدولية، لتطوير الأعمال التجارية المصرفية ذات الصبغة العالمية. وكمثال نذكر منها، القواعد الموحدة لتقنين الأعمال المرتبطة بالاعتمادات المستندية ورمزها الفني (يو سي بي 600) التي تباشرها جميع البنوك لتمكين الزبائن وغيرهم من انجاز معاملاتهم في التصدير والاستيراد عبر الاوراق والاعتمادات المستندية التي تعتمدها البنوك، والقواعد الموحدة للكفالات المستحقة عند الطلب ورمزها الفني (يو آر دي جي 758) لتقديم الكفالات والضمانات المطلوبة لاستمرار الأعمال التجارية بدعم البنوك. وهناك قواعد أخري عديدة صدرت من غرفة التجارة الدولية، لتحقيق نفس الأغراض، ومن ضمن آخرها القواعد الموحدة لخصم الأوراق التجارية الضامنة لتمويل التجارة الدولية “فورفيتنق” ورمزها الفني (يو آر أف 800).
ووفق قواعد “فورفيتنق” الموحدة (يو أر أف 800) يتم تنظيم كيفية استخدام “وسائل الدين” من الأوراق التجارية المختلفة في تمويل التجارة الدولية المرتبطة بها والتي تتجاوز مئات المليارات من الدولارات في كل ارجاء العالم. ويتوقع حدوث المزيد من الازدهار بعد أن أصدرت غرفة التجارة الدولية هذه القواعد والوثائق النموذجية وبدائل حسم المنازعات المتعلقة بها. ومن الجدير بالذكر أن لحنة الأمم المتحدة “يونسيترال” أصدرت قرارا باعتماد قواعد “فورفيتنق” الموحدة وفي هذا دعم كبير جدا لهذه القواعد. ومثل رصيفاتها الأخرى، تقوم “فورفيتنق يو آر أف 800” القواعد الموحدة لخصم الأوراق التجارية الضامنة لتمويل التجارة الدولية بدعم التجارة الدولية وتعضيد تكامل العلاقات بين البنوك والزبائن إذ يتم، وفق (يو آر أف 800)، ضمان تمويل تجارة الصادرات عبر الأوراق التجارية الخاصة بها حيث يتم بيع الأوراق المستخدمة في تمويل التجارة الدولية لخصم ديون الصادر أو الخصم من الحسابات المدينة أو الخصم على التزامات الديون المستحقة الدفع الفوري أو في تاريخ لاحق. وهذا الحق وفق هذه القواعد، يتم ممارسته “دون الرجوع” إلي الجهة الدائنة أو المستحقة للمبالغ. ونذكر أن الدفع أو الخصم وفق قاعدة “دون الرجوع” من المميزات الخاصة لهذه القواعد لأنه يمنح هذه الخصوصية التفضيلية للنشاط.
وتتناول (يو آر أف 800) العديد من الأحكام المنظمة لبيع وشراء “أدوات الدين” المتعلقة بالأوراق التجارية في الأسواق الرئيسية أو الثانوية كلما لزم الأمر، وهذه الأوراق التجارية تشمل الكمبيالات وأوامر الدفع وخطابات الاعتماد و مستندات خصم الفواتير، والدرافت، وضمان أفال، والضمانات الأخرى وغيرها مما يستجد.. وعبر هذه الخدمة المصرفية الفنية تنمو التجارة بين تجار الاستيراد والتصدير ومنها يستفيد البنوك وشركات تمويل الفورفيتنق وبواسطتهم تتم تغطية متطلبات المجتمع الاستهلاكية وغيرها. ومن أهداف هذا التقنين وضع أحكام واضحة للعملية لإبعاد سوء التفاهم بين الأطراف المتعاقدة ولدفع الحماس وصب الدماء الجديدة في شرايين نشاط التجارة الدولية بعد انتهاج المعايير الدولية الموحدة والتي تسري في جميع الدول لأنها موحدة “يونيفايد”. وتوجد بنوك عديدة، وشركات تمويل، وشركات فورفيتنق متخصصة في هيكلة النماذج المرتبطة بنشاط “فورفيتنق” وفق أدوات دين وشروط تمويل معينة يتم عرضها بل وربما تطويرها وفق طلب العملاء. ومن الميزات الإضافية لهذا النشاط ، نشير إلي أن العمليات تعتبر “عديمة المخاطر” تقريبا لأنها تتجاوز بل انها لا تتعرض للعديد من المخاطر والعقبات، ومنها نذكر بعض المخاطر السياسية التي قد تنجم من “الموراتوريم” أو سقوط السيادة بالانقلابات والثورات أو الاضطرابات المدنية، أو مخاطر التحويل التي قد تنجم من منع تحويل الأموال أو تغيير سعر الصرف، أو بعض المخاطر التجارية التي قد تطرأ بسبب الإفلاس أو التصفية أو الفشل في تنفيذ أو تغطية الالتزامات التعاقدية..
وكل هذه المخاطر، وغيرها، يتم تجاوزها وعدم الوقوع فيها عند استخدام هذا النشاط لأن الجهة (المصدرة) قامت منذ البداية باستلام مبلغ الصادر بالتمام والكامل وفق الاتفاق المبرم بين الأطراف و “دون الرجوع” لها، وهذا يعني عدم مطالبتها بإعادة المال تحت أي ظرف من الظروف. ولذا فإنها في وضع آمن ولا تشغل بالها بما قد يحدث أو أي طارئ يطرأ، وهذا ينشط حركة الصادر ويمنحها كل الأمان. ونأمل أن يستفيد تجار الصادر من هذا المنفذ التجاري الآمن. و لننظر للتجربة الصينية في هذا المجال والتي غزت وغذت كل شوارع العالم من القطب للقطب بالمنتجات الصينية، وهذا تم لاستفادتها من التقنين وتنظيم الفورفيتنق المستخدم بكثرة بواسطة تجار الصين.
لا بد من التنويه إلي أن قواعد “فورفيتنق يو آر اف 800” الموحدة تتميز بالمرونة المطلوبة، حيث تم اعدادها بعد الاستفادة من التجارب التراكمية للجان المصرفية والقانونية التابعة لغرفة التجارة الدولية حيث يتم استعراض كل التطورات المتعلقة بهذه القواعد الموحدة وغيرها ذات العلاقة. ودائما هناك افكار جديدة في جدول المناقشات لترقية وتقنين الأعمال المصرفية لتجاوز الصعوبات المرتبطة بتقلفب أوضاع التجارة العالمية. والدلالة علي المرونة، في رأينا، تلك الإشارة الصريحة إلي إمكانية استخدام أحكام هذه القواعد الموحدة في أي أوراق تجارية جديدة أو مستحدثة لتذليل تمويل وانتشار التجارة الدولية، وفي هذا انفتاح وبدون أي قيود نحو المستقبل. ان هذا النشاط يعتبر من البدائل المحفزة لتجار التصدير والاستيراد، وننصح الجميع بالاستفادة من هذا المنفذ المفيد.
المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمستشار القانوني الرئيس
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
البحرين \ دبي