حماية العلامات التجارية الشهيرة

حماية العلامات التجارية الشهيرة

Asia 728x90

أصبحت العلامة التجارية من أهم الموجودات المادية للشركة أو المنشأة التجارية وقد تدر لها ثروة أو ربحا كبيرا اذا فكرت في بيعها أو الاستغناء عنها لأي سبب، وهذا قد يحدث لأي شركة لها علامة تجارية مميزة. وبسبب القيمة المادية والمعنوية للعلامة التجارية لبعض الشركات الكبيرة فانه لم يتم الاتفاق علي الاندماج، وبصفة خاصة، لعدم اتفاق الاطراف علي قيمة أو “سعر” العلامة التجارية أو الاسم التجاري لكل أو أي منهما. وبسبب الشهرة المكتسبة والمنتشرة لأي من العلامات التجارية، في السوق أو وسط المستهلكين والجمهور عامة، فإنها قد تتعرض للسرقة أو لسوء الاستخدام بواسطة بعض المحتالين المنتفعين المخالفين للقانون والأنظمة. وهذه النوعية من المجرمين من أصحاب الياقات البيضاء في غاية الخطورة وقمة الذكاء لأن جرائمهم مرتبطة بهذه المؤهلات العالية. ولذا يجب علي الجميع أخذ الحذر منهم والعمل علي قفل كل منافذ الأبواب في وجه هذه الجرائم الحديثة المستحدثة.

ومن الملاحظ أن سرقة أو استخدام العلامة التجارية بسوء نية يحدث كثيرا في هذه الأيام، وبصفة خاصة فان بعض البنوك والمؤسسات المالية تعاني كثيرا من الانتهاكات الاجرامية في هذا الأمر لأن هناك من يترصد “خزائنهم” لاستغلال علامتهم أو اسمهم التجاري بسوء نية للحصول علي تعويض مادي محترم مقابل التنازل والتسوية بعيدا عن مطاولات التردد علي النيابة والمحاكم و”الروحة والجية” في كل يوم. وفي الكثير من الأوقات تتصل هذه الجهات الاجرامية، وبدون خجل، مع البنوك أو المؤسسات المالية الكبيرة وتعرض عليهم التفاوض بغية شراء علامتهم التجارية التي قاموا بسرقتها وتسجيلها في اسمهم في مكان معين اسمه …..

و مثل هذا التصرف حدث فعلا، كواقعة حقيقية، لبنك مركزي معروف حيث قام بعض المحتالون في بلد آخر بتسجيل اسم “البنك المركزي ……… كاسمهم التجاري، ولم يتنازلوا عن هذا الاسم الا بعد شد وجذب في مفاوضات شاقة انتهت بدفع تعويض كبير للمحتالين لحفظ سلامة الاسم والسمعة التجارية وأيضا “ماء وجه” هذا البنك المركزي المعني. وهنا تبرز المشاكل القانونية والعملية الحقيقية التي يعاني منها أصحاب العلامات والأسماء التجارية الشهيرة في مثل هذه الحالات، وهي كثيرة، وتأتي بأشكال وطرق مختلفة لا يمكن أخذ الحذر منها مسبقا. واذا كنت صاحب علامة تجارية مشهورة، فان هذا الاحتيال والاجرام قد يحدث لعلامتك واسمك التجاري في أي وقت “لأن هناك من يترصدك”.

والعلامات التجارية الشهيرة، أو ذات الشهرة العالمية، بالطبع لم تأتي من فراغ بل ظهرت للسطح بسبب جهد وعرق وولاء أصحابها وابداعهم الخلاق وفكرهم المتميز وبسبب هذا وذاك فإنها تجلب المنافع الكثيرة وكذلك “الشهرة” لأصحابها لأن الجميع يعرفها ويعطيها قيمة مادية كبيرة. هذا اضافة الي أن الشهرة تكون أحد الأسباب المباشرة في زيادة المبيعات حيث يتم الاقبال علي المنتجات دون تردد وبانجذاب غريب خاصة في أماكن المأكولات أو العطور أو الملابس وغيره. وكما قال أحد خبراء التسوق و “البراندينق”، عندما نتحدث عن “فيراري” مثلا فإننا وبأي حال من الأحوال لا نقصد “السيارة” بعينها، بل نقصد “ذلك الحلم الجميل وخيال الشهرة الواسع” المرتبط بهذا الاسم وهذه العلامة وقيمة من يمتلك ويقود هذه الفيراري” ذات الاسم المعروف للجميع. وهكذا للعلامات والأسماء التجارية المشهورة سحرها ورونقها وجذبها للجميع كالمغناطيس الجاذب. ولكن، علي الطرف الآخر، فان هذه الشهرة قد تنقلب من نعمة الي نقمة خاصة عندما يفكر ضعاف النفوس في استغلال هذا الاسم أو العلامة التجارية لمصلحتهم

الخاصة خصما علي حساب صاحبهما الأصلي. وهكذا “للشهرة” عدة أوجه، كوجهي العملة، ولهذه الأوجه ثمن يأتي بجوانب ايجابية أو جوانب سلبية ...

ولكن من الناحية القانونية توجد بعض المشاكل منها، مثلا، أن الحماية القانونية في العادة تعطي داخل البلد للشركة صاحبة العلامة أو الاسم التجاري التي قامت بتسجيلهما وفق المتطلبات القانونية، وهذا المبدأ “الاقليمي” يخرج العلامات التجارية “الشهيرة” والأجنبية من الحماية داخل البلد لأنها غير مسجلة فيه وفق القانون المحلي الوطني. اضافة لهذا، فان معظم القوانين الوطنية لا تتضمن أو لا تشير بصورة قاطعة لمعني أو مفهوم أو معيار الشهرة، وما هو المقصود تحديدا بالعلامة التجارية المشهورة “الشهيرة”؟. وهذا قد يعتبر نقصا في القوانين المعنية وفراغا من المستحسن تكملته، خاصة وأن الاتفاقيات الدولية المنظمة لهذه الأمور تتضمن ما يفيد بخصوص تحديد وتعريف معني ومعيار الشهرة.

واذا رجعنا، مثلا، لاتفاقية “تريبس اتفاقية الجوانب المتصلة بالتجارة من حقوق الملكية الفكرية نجد ما يقود لتحديد مفهوم أو معيار “الشهرة” حيث النص الآتي“عند تقرير ما اذا كانت العلامة التجارية “معروفة جيدا” تراعي البلدان الأعضاء (في اتفاقية تريبس) مدي معرفة العلامة التجارية في قطاع الجمهور المعني بما في ذلك معرفتها في البلد العضو نتيجة ترويج تلك العلامة…..الخ. ومن هذا يتبين أن اتفاقية تريبس تنادي الدول الأعضاء بمراعاة العلامة التجارية المشهورة خاصة عندما تكون معروفة في قطاع الجمهور المعني بذلك الأمر. وقد تم لاحقا توسيع مجال “الجمهور المعني” ليشمل كل مستهلك و كل موزع وكل فرد من الأوساط التجارية التي تتعامل مع العلامة المشهورة في السلع أو الخدمات... وطبعا الدول الأعضاء ملزمة بما ورد في الاتفاقية الدولية، وهذا ينطبق عالميا لأن كل الدول تقريبا منضوية تحت لواء اتفاقية التريبس التي أبرمت خصيصا من أجل حماية حقوق الملكية الفكرية المرتبطة بالنواحي التجارية.

وعند الالتزام بأحكام اتفاقية التربيس يتم اصباغ الحماية القانونية المطلوبة للعلامة التجارية المشهورة، بالرغم من أنها غير مسجلة في البلد، أي كسر مبدأ “الاقليمية” وتوسيع الاطار. وبموجب هذه الحماية العامة لا يجوز لأي شخص وفي أي مكان القيام بتسجيل العلامة التجارية المشهورة، واذا تم ذلك يبطل تسجيلها عند الضرورة، وكذلك يحظر ويمنع استعمالها بأي وجه لأنها تعتبر العلامة الخاصة بشخص آخر يتمتع بالحماية الواردة في الاتفاقية الدولية. ومن هذه الحماية الدولية تأتي فوائد عديدة تعود أولا للمستهلك الذي تتم حمايته من الغش والتدليس وسوء نية المستخدم، كما تمتد الفائدة أيضا لتشمل جميع الأطراف في جميع الأماكن والبلدان. هذا ببساطة، لأن علامتك التجارية ربما تصبح غدا علامة “مشهورة” لأي سبب ما واذا حدث هذا التحول عليك أن تكون مرتاح البال لأن علامتك التجارية محمية بموجب القانون “والاتفاقيات الدولية” ولا يستطيع أي شخص كان، وفي أي مكان كان، الاستفادة منها من خلفك أو دون الاتفاق التام معك باي وسيلة. ولكن، كما ذكرنا أعلاه، فمن المستحسن ادراج النصوص الحمائية للعلامات التجارية المشهورة في القوانين الوطنية في كل بلد علي أن يتم ذلك بصورة واضحة وشفافة من أجل حماية حقوق الملكية الفكرية تشجيعا لها وعرفانا بها. وهذا انطلاقا من أن النتاج الفكري سواء كان محلي أو عالمي، وفي كل صوره وأشكاله، يجب العمل علي دعمه وتطويره مع منحه الحماية المطلوبة حتي يعم الآفاق ويتعدى الحدود، كل الحدود. وبهذا نفتح العقول ونشحذها للمزيد من الانتاج والابداع لنعيش في عالم مبدع يعطي حياتنا قيمة أكبر وأبدع

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي