جراءات فحص المستندات الخاصة بخطابات الاعتماد المستندية

تقوم البنوك التجارية وبكل حماس بالمساهمة الفعالة في دعم النشاطات التجارية بين الدول من جهة والعملاء من الجهة الأخرى وذلك عبر تقديم وفتح واعتماد خطابات الاعتماد المستندية لتغطية وتمويل النشاطات التجارية المختلفة للعملاء على حسب طلباتهم ومتطلباتهم التجارية وخلافه. وهذا الاجراء يحدث يوميا علي مدار الساعة، مما يدلل على أهمية مكانة ودور خطابات الاعتماد المستندية في الصناعة المصرفية والحركة التجارية علي السواء. والحديث عن هذا الدور الهام لا ينتهي ويتعاظم في كل يوم لأهميته لجميع الأطراف لتدوير الحركة التجارية والانتاج.

Asia 728x90

وهناك عدة أنواع من خطابات الاعتماد المستندية (دوكيومنتري ليترز أوف كريدت) تصدرها البنوك وفق اجراءات محددة وأدوار معينة. ومثلا، هناك دور البنك المصدر للاعتماد وهناك دور البنك المعزز للاعتماد وغيرهم. وهناك الإجراءات المصرفية والقانونية الخاصة والواجبة الإتباع حيال خطابات الاعتماد المستندية والدور المعين الذي يقوم به كل بنك، وذلك في محيط الدائرة التي تتوالي بين العديد من البنوك لتكتمل هذه المعاملة

ونظرا لان العملية أو الخدمة المصرفية المرتبطة بخطابات الاعتماد المستندية تعتمد بدرجة أساسية علي المستندات “دوكيومنتري لترز أوف كريديت” فلا بد من توضيح كيفية تدقيق وفحص المستندات المقدمة وإلا وقعت البنوك في المحظور وما لا يحمد عقباه ومنها فشل اكتمال المعاملة واحباط العملاء والتجار والبنك نفسه.

لا بد من الإشارة وبوضوح تام إلي أن عملية تدقيق وفحص المستندات المتعلقة بخطابات الاعتماد المستندية تعتبر عملية مصرفية فنية بحتة وهي تحتاج إلي مهارات معينة وخبرات خاصة متخصصة في خدمة وأعمال الاعتمادات المستندية. وهذا بدوره يتطلب الإلمام والمعرفة الدقيقة بكل الأعراف والأنظمة والإجراءات المتبعة التي تحكم عمل خطابات الاعتمادات المستندية من البداية وحتي نهايتها. وللضرورة نبين أن هذه الاجراءات والأنظمة “موحدة” ويتم تطبيقها في كل بنوك العالم بنفس الأحكام ونفس الاجراءات، وهذا يعطي هذا النشاط المصرفي زخما خاصا يتمثل في قوة “الوحدة” والالتزام المتكامل بين كل البنوك في العالم.

عند فحص المستندات الخاصة بالاعتمادات المستندية وغيرها، وبصفة خاصة مثلا،

يجب التأكد التام من أن الاعتماد المستندي ما زال ساري المفعول ولم تنتهي صلاحيته وهذا أول إجراءات الفحص ومن أهمها. وأيضا يجب معرفة ما إذا كان الشحن للبضائع والمنتجات كليا أو جزئيا وأن الشروط المذكورة في خطاب الاعتماد المستندي توضح ذلك وتسمح به، كما ويجب أيضا معرفة كل المستندات المطلوبة للعملية وذلك من حيث النوع والعدد والمدد الزمنية والصلاحية وغيره.

بعد فحص ومراجعة هذه النقاط والتأكد منها تماما بواسطة موظفي دائرة الاعتمادات المستندية وغيرهم من المختصين في دوائر البنك المتعددة، تتم المراجعة الدقيقة لشروط التسليم المنصوص عليها في خطاب الاعتماد المستندي ويتم الاطلاع علي الوصف الكامل لنوع البضاعة المطلوبة، وكذلك تتم مراجعة طريقة الدفع وشروطها والتأكد التام منها ومن تفاصيل شروط الدفع المذكورة في الاعتماد (إن وجدت) وغير ذلك من الشروط الأخرى الواردة في خطاب الاعتماد سواء كانت شروطا عامة أو خاصة. مع التأشير علي كل اجراء يتم في المكان المخصص له في الملف الخاص بالاعتماد المعني.

هذا ويجب أن تتم مراجعة وفحص كل المستندات المستلمة للتأكد من أنها متطابقة مع شروط الاعتماد وأيضا سلامتها مع بعضها البعض. ويجب التنويه هنا إلي أن بعض موظفي البنوك يقومون بالاطلاع علي المستندات ومراجعتها دون الرجوع لخطاب الاعتماد المستندي المعني، وبعد ذلك يتبين جليا أن المستندات وبالرغم من سلامتها ظاهريا إلا أنها لا تتعلق بخطاب الاعتماد المستندي المعني بل بخطاب آخر أو معاملة أخرى، وهذا يحدث بكل أسف..

ومثل هذه التصرفات من دون شك تقود إلي أخطاء فادحة للبنوك والعملاء، ويمكن تلافي هذا ببذل وتقديم العناية اللازمة عند فحص كل مستند لتجنب حدوث مثل هذه الربكات والأخطاء الجسيمة غير المبررة. ويجب وضع تسلسل وظيفي للمراجعة ثم المارجعة داخل الدائرة. وللعلم، هناك قضايا ومنازعات كثيرة أمام المحاكم محورها مثل هذه الأخطاء التي تدل علي عدم أخذ الحيطة والحذر والعناية الكافية عند مراجعة وفحص المستندات الخاصة بكل خطاب اعتماد مستندي تحت نظر وبصر البنك..

ولذا نكرر انه لا بد من التأكد من أن جميع المستندات – تحت الفحص – تعود لنفس الاعتماد، وبصفة خاصة يجب التأكد من مطابقة عدد المستندات المذكورة في خطاب المراسل مع العدد المرفق من المستندات. ويجب التأكد أيضا من أن المستندات المستلمة مطابقة من حيث النوع والعدد مع ما هو مطلوب في خطاب الاعتماد المستندي، مع التأكد التام من أن كل المستندات المستلمة موقعة وفق الأصول القانونية وممن هو (هم) مخول بالتوقيع، وأن هذه المستندات تحمل أسماء مصدريها بالإضافة إلي أنها تحمل الأختام وكل التصديقات المطلوبة من الجهات المختصة إلا إذا نص خطاب

الاعتماد علي خلاف ذلك. ولذا، يجب أن يكون خطاب الاعتماد مفتوحا أمامك وترجع اليه وأنت تفحص كل مستند فحصا دقيقا بعين فاحصة.

نقطة هامة جدا أيضا، وهي ضرورة التأكد من أن المستندات حديثة وغير متقادمة أي لم تفقد قيمتها القانونية لمرور الوقت والسقوط بالتقادم. وفي نفس الوقت يتم التأكد من تجانس كل مستند مع باقي المستندات الأخرى حتى لا يكون هناك تعارضا أو اختلافا فيما بينها من حيث المواصفات والكميات والنوع والعدد والصلاحية...

في العادة، ان المستندات المطلوبة بموجب نص خطاب الاعتماد قد تشمل فيما تشمل الفواتير، بوليصة الشحن، الكمبيالات، الفواتير القنصلية، شهادة بوليصة التأمين، شهادة الأوزان، شهادة التعبئة، شهادة المنشأ، الشهادة البيطرية أو الزراعية، شهادة الفحص والتحليل، الشهادة الصحية، شهادة التعقيم … وغير ذلك من المستندات التي قد يتضمنها خطاب الاعتماد علي حسب المتطلبات. ولكل من هذه الشهادات شروط وأحكام خاصة بها. ودائما نقول، وللعلم، فان لكل من هذه المستندات طرقا معينة للفحص وللتأكد من سلامتها ويجب علي البنوك التأكد من أن لديها الكوادر الفنية اللازمة لمتابعة هذه الأعمال وفق المعايير المصرفية المعروفة ووفق الممارسات المصرفية السليمة وذلك حتى تكتمل إجراءات الاعتمادات المستندية بسلاسة وسلامة وبما يحقق مصلحة كل الأطراف. وننصح البنوك بضرورة تكثيف التدريب والاحتكاك مع الخبرات المتنوعة لكل العاملين في هذا المجال الحيوى والممتع أيضا لمن يخبره ويعرفه بحكم الممارسة المستمرة.

ومن اصدار خطابات الاعتماد المستندية، في كل يوم، تجني البنوك أرباحا تتزايد بصفة مستمرة لتشكل في آخر العام حصيلة كبيرة من الربح المادي للبنوك اضافة للربح المعنوي الكثير الآتي من رضا الزبائن والسوق. ولنحافظ على العين الفاحصة الساهرة والعقل المتوقد السليم لتحقيق الفوائد من هذه الخدمات المصرفية الهامة للجميع.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي