تجديد وتعديل خطابات الاعتماد

تجديد وتعديل خطابات الاعتماد

Asia 728x90

من أهم الخدمات المصرفية اليومية التي تقدمها البنوك التجارية للعملاء، في اعتقادنا، تتمثل في تلك الخدمات المصرفية المرتبطة بالاعتمادات المستندية documentary credits وتقديم خدمة خطابات الاعتمادLetters of Credit (LCs) . وفي سياق تنفيذ مهامها فيما يتعلق بخطابات الاعتماد تقوم البنوك التجارية بالعديد من الإجراءات المصرفية وذلك وفق تعليمات العملاء أو وفق ما تقتضيه الأحكام المنظمة للعمليات المرتبطة بخطابات الاعتماد، ومن هذه الأدوار نتناول ما تقوم به البنوك من تجديد أو تعديل خطابات الاعتماد وبصفة روتينية يومية علي حسب طلب العملاء أو مقتضيات الحال والتعامل التجاري والمصرفي.

ومن واقع التجربة، فان من ضمن الأسباب والمبررات التي

تستوجب تجديد أو تعديل renewal or amendment of letters of credit خطاب الاعتماد، مثلا، أن يتعذر علي المصدر (exporter) بالخارج شحن البضاعة المطلوبة لأسباب متعددة منها ضيق الوقت للشحن أو ارتفاع الأسعار لأي سبب كان أو نفاذ الكمية أو الصنف أو العينة المطلوبة، أو عدم توفر الكميات بالقدر المطلوب أو الاختلاف في طريقة التعبئة أو التغليف أو اختلاف المقاسات أو الأحجام أو الألوان أو الطعم أو المذاق … الخ. وكل هذا وغيره قد يحدث وبالتالي تكون هناك عقبة أو عقبات تواجه عملية التصدير.

في مثل هذه الحالات، في العادة، يطلب أو يتم تعديل خطاب الاعتماد من أجل تمكين المصدر في الخارج من شحن البضاعة و ذلك وفق ما يتم الاتفاق عليه مع المستورد (importer or his agent) أو وكيله. وهذا الوضع يحدث كثيرا ولعدة أسباب قد تتعلق بالبضاعة المطلوبة أو كمياتها أو صنفها أو لونها أو طعمها أو صلاحيتها أو غير ذلك من الأسباب التجارية التي قد تستدعي التعديل أو تجديد بعض الشروط المذكورة سابقا في خطاب الاعتماد.

وهذا التعديل في حقيقة الأمر يتم وفق الأحكام والنشرات

الصادرة المنظمة لخطابات الاعتماد، كما تصدر من غرفة التجارة الدولية بباريس في صيغها الموحدة والتي تتبعها كل البنوك. وهذه الصيغ الموحدة، تتضمن قدرا كافيا من المرونة لكي تتمكن من مقابلة ما يستجد في أرض الواقع من كل التطورات في التجارة الدولية و “مطباتها الكبيرة و الصغيرة” وبما يحقق طموحات التجار من المصدرين والمستوردين اللذين يأخذون في الاعتبار رغبات وأذواق السوق والمستهلكين للبضاعة.

مع العلم، أن هناك أسباب قد تكون خارج ارادة الأطراف المتعاقدة أو رغبتهم، ونذكر كمثال المشاكل المتعلقة بخطوط الامداد والترحيل التي تعرضت لها التجارة الدولية في الأشهر الأخيرة ونتج عنها زيادة في اسعار الترحيل وبالتالي زيادة يتحملها المستهلك، وهذا يجب أن يؤخذ في الاعتبار، من دون شك لتجنب خسارة وتكدس البضائع المستوردة.

من الناحية الشكلية، نلفت النظر ونقول، إن أي تعديل لخطاب الاعتماد يجب أن يتم بموجب ووفق خطاب صادر من العميل a special letter from the customer ويحمل التوقيع المعتمد وغير ذلك من المتطلبات الشكلية الأخرى.

فإذا كان التعديل مثلا يتعلق بزيادة المبلغ “مبلغ البضاعة” و لم تعدل المدة “فترة التسليم” وبقيت كما هي فهنا يجب احتساب الزيادة في مبلغ التامين النقدي وكذلك الزيادة في مبلغ العمولة commission or insurance rate increase in والزيادة في الحسابات النظامية لتتناسب مع الوضع الجديد للاعتماد الذي طرأ نظير التعديل المطلوب من العميل المستورد.

ومن واقع التجارب العملية فهناك بعض المسائل الهامة جدا التي يجب علي موظف البنك مراعاتها والإلمام بها وإلا تعرضت العملية لبعض الصعوبات أو الفشل مما يلقي بظلاله علي سمعة البنك ومدى حرصه في تنفيذ واجباته بكل كفاءة و مهنية.

وفي هذا السياق نقول أنه يجب على الموظف الذي يجري التعديلات أن يعي تماما وأن يستوعب مردود هذه التعديلات “المطلوبة” علي باقي شروط الاعتماد، فمثلا لو تم فتح الاعتماد فوب (FOB) أو فاس (FAS) وتم تعديله إلي سي أف آر (CFR) فان هذا يتطلب أويستلزم عدة نقاط هامة منها زيادة مبلغ الاعتماد بقيمة أجور الشحن (النولون)، ويجب تعديل شروط الاعتماد ليصبح هذا

الاعتماد سي أف آر (CFR) بدلا من فوب (FOB)، ويجب تعديل شروط بوليصة الشحن لتصبح أجور الشحن مدفوعة مقدما بدلا من دفعها عند الوصول، وأيضا يجب زيادة مبلغpremium بوليصة (وثيقة) التامين إذا كانت صادرة محليا.

أوضحنا أعلاه دور العميل عندما يرغب في تعديل خطاب الاعتماد لأي سبب يطرأ، وكقاعدة قانونية عامة فإنه لا يمكن تعديل خطاب الاعتماد أو إلغاؤه دون موافقة البنك فاتح الاعتماد والبنك المعزز “إذا وجد” والمستفيد من خطاب الاعتماد “المصدر”. وهذا لأنهم أطراف في الموضوع وفي العملية التعاقدية.

مع العلم أن البنك فاتح الاعتماد، وأيضا البنك المعزز للاعتماد، ملزم بشكل غير قابل للنقض بالتعديل الصادر منه وذلك من وقت إصداره لهذا التعديل. وهنا مسؤولية قانونية ملزمة للبنك لأنه قام بإصدار التعديل وعليه أن يتحمل مسئولية أفعاله وإلا فيعتبر مخالفا لمسؤولياته القانونية.

إذا إختار البنك المعزز confirming bankأن يبلغ التعديل دون أن يمدد تعزيزه لهذا التعديل فهذا من حقه و يعود

لظروفه الخاصة به ولكن يجب عليه أن يبلغ البنك فاتح الاعتماد issuing bank بدون تأخير وعليه أيضا أن يبلغ المستفيد في الإشعار الذي يرسله له في هذا الخصوص. وهذه ممارسات مصرفية لا بد من التقيد بها مع الأخذ في الاعتبار انعكاساتها القانونية.

وبالنسبة للمستفيد من خطاب الاعتماد فإن شروط الاعتماد الأصلي (أي الشروط قبل التعديل) تبقي سارية المفعول وذلك ألي أن يبلغ المستفيد البنك الذي أبلغه بالتعديل قبوله لهذا التعديل. وفي جميع الأحوال ينبغي على المستفيد أن يعطي إشعارا بقبول أو رفض التعديل. وهذه النقطة هامة جدا من الناحية القانونية لأن المستفيد إذا تخلف عن إرسال الإشعار بقبول أو رفض التعديل فإن التقديم المطابق لشروط الاعتماد، و مع شروط أي تعديل لم يقبل بعد، سوف يعتبر إشعارا بقبول المستفيد لذلك التعديل، هذا ومنذ تلك اللحظة يتم تعديل الاعتماد ومن هنا تأتي أهمية استيعاب المستفيد لدوره وواجباته لأن تخلفه عن تقديم الإشعار المطلوب سينتج عنه تبعات قانونية على المستفيد تحمل نتائجها. وفي واقع الأمر، هناك المستفيد ذو الخبرة المتمرسة في هذا النشاط

وهناك المستفيد عديم الخبرة أو المبتدئ، ولذا ننوه إلي أهمية طلب العون والمشورة الفنية من البنك أو غيره وذلك حتى لا تحدث مفاجآت غير متوقعة أو يحدث ما لا يحمد عقباه.

وفق الشروط والأحكام فإنه يتعين علي البنك مبلغ الاعتماد أن يخطر البنك الذي استلم منه التعديل بأي إشعار بقبول أو رفض التعديل مع العلم أن القبول الجزئيpartial acceptance للتعديلات غير مسموح به أطلاقا و يعتبر كأن لم يكن، و لذا يجب أن يتم قبول التعديلات كلها أو رفضها كلها acceptance in toto or rejection in toto لأن القبول الجزئي للتعديلات يعتبر بمثابة رفض التعديل partial acceptance is rejection و هذا بالطبع ينسجم مع الأحكام الأساسية لقانون العقود حيث أن الإيجاب أو العرض (offer) يتطلب قبولا (acceptance) كاملا والذي يجب أن يكون مطابقا كمنظر المرآة (mirror image) المتطابق تماما كما يقولون، وإلا أعتبر عرضا مقابلا (counter-offer)يحتاج إلي قبول جديد من مقدم الإيجاب (offeror).

هذه بعض النقاط العملية الهامة ذات العلاقة بتعديل أو

تجديد خطابات الاعتماد و يجب على كل طرف أن يلم بالدور المنوط به والقيام بتنفيذ هذا الواجب على الوجه الأكمل حتى تكتمل العملية بنجاح تام ويستفيد منها كل أطراف الحلقة من البنوك التجارية ومن خلفهم العملاء من المستهلكين والتجار الذين يصدرون أو يستوردون البضاعة. ويجب على البنوك أخذ زمام المبادرة ولعب دور محوري في كل هذه العمليات وتقديم النصح الفني للعملاء لتكملة هذه الخدمة المصرفية على أحسن وجه ولفائدة جميع الأطراف بما يشمل البنوك النشطة في هذه الأعمال المصرفية الحيوية التي تغذي خزينة البنوك بالرسوم الكثيرة المبالغز


المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع \ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي