المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر ورواد الأعمال

الخميس 20 أبريل 2013

Asia 728x90

ان دور المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر اضافة لدور من يملكها من رواد الأعمال، من دون شك، كبير للدرجة التي تملأ كل أطراف الدنيا لأننا نجد هذه المؤسسات في كل ركن وفي كل طريق أو ممر. نجدهم يملأون الدنيا وهم يقدمون لنا كل ما نحتاجه من المأكل والملبس والمشرب وكافة الخدمات الصغيرة والكبيرة المعقدة والبسيطة وكل ما نتطلع اليه نجده جاهزا وتقدمه هذه المؤسسات المصنفة بالصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر وشريحة رواد الأعمال. ولهذا فانهم يملأون الآفاق ويسدون السماء، ولا أتخيل الحياة بدون الخباز والجزار والمزارع وأصحاب المقاهي والحلاقة والخياطة والموبايل والسيارة والمسكن والتعليم والطب والبناء والصيانة … وجميع هذا وأكثر يقومون بتقديمه لنا في جميع الأوقات وبما يرضى جميع الأذواق.

ولكن بالرغم من هذه الأهمية القصوى والفعالية الفاعلة في تحريك الاقتصاد وتشغيل العمالة وزيادة الصناعة والبناء والزراعة والأعمال الجادة لتحفيز المنافسة، الا ان هذه الشريحة الهامة من المجتمع التجاري الاقتصادي، تواجه الويل وتواجه العديد من المشاكل التي قد تعيق نشاطها وتحول دون تدفق أفكارها وانتاجها. لماذا ؟ وهنا بيت القصيد، ويوميا يتم طرح أسئلة كثيرة من كل الأطراف والجميع يطالبون بمعرفة الأسباب ووضع الحلول للسير للأمام.

 كل الأعمال تحتاج للمال والتمويل، وقد يكون المال متوفرا وبالعدم البحث عن التمويل. وعليه فان أي جهة تطلب التمويل، يجب عليها أن تكون جاهزة لإعادة هذا التمويل في وقته المحدد المجدول، وكذلك عليها في البدء تقديم الضمانات التي تضمن اعادة أموال التمويل. هذا قد نجده عند الشركات الكبيرة والبيوتات التجارة العتيقة ولكنه منعدم بالنسبة للمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر وواد الأعمال نظرا لأن غالبيتهم العظمي ربما في بداية الطريق أو بداية المشروع أو بداية التجربة والخبرة… ولهذا نجد هذه الغالبية لا تملك ما تقدمه كضمانات لإعادة سداد مبالغ التمويل. وهنا المعضلة الكبرى، وهذه المعضلة في كل مكان لأن جهات التمويل وخاصة البنوك التجارية عليها الحرص التام في الحصول على الضمانات المقبولة حتي تضمن الاستمرارية ولتتجنب مخاطر التعثر وعدم السداد. نقول هذا، خاصة وأن جهات التمويل ليست جهات خدمات اجتماعية ومساعدات انسانية، انما هي جهات مالية تعمل وفق ضوابط وأنظمة محكمة والا فهناك الانهيار والدمار.

أشرنا لضرورة “ضمان” و”تأمين” الأموال والتسهيلات التي تمنح لهذه الشريحة من المؤسسات وروادها حتي تستمر وتنتج وتعمل وتعود الفائدة لكل المجتمع. والعديد من الدول فطنت لهذا الأمر وسعت بجدية نحو توفير هذه الضمانات وهذا التأمين. واذكر عندما كان أوباما رئيسا لأمريكا، قدم دعوة لرواد الأعمال من كل العالم للحضور لمؤتمر جامع وتحدث معهم عن أهمية دورهم في تطوير الاقتصاد والمجتمع وتحريك دولاب التجارة، ولم يقف أو يكتفي بهذه الاشادة فقط بل قال ان أمريكا تكفلت بإنشاء “نظام ضمان” لهم ولأعمالهم وأفكارهم بمبلغ يتجاوز 30 مليار دولار. وهذه خبطة صائبة، وهذا موقف أمريكا الموجودة في قمة اقتصاد العالم، وقطعا يكون لمثل هذه التوجهات ما بعدها من نجاحات بسبب ضخ الدماء الدولارية كضمان ضامن لهذه المؤسسات. ومع هذه السياسات سنري المزيد من ابداع رواد الأعمال في أمريكا وسنري المزيد من أمثال بيل جيتس. وهكذا أمريكا، وهكذا يتصرف دائما العظماء، ولنستفيد من تجاربهم وتجارب غيرهم حتي نجني معهم الفوائد.

من المشاكل المزمنة الخاصة بهذه الفئة الناشئة الهامة، حاجتهم الماسة للتدريب والأخذ بيدهم ومعاونتهم في خطواتهم الأولي حتي تقوي سواعدهم وأرجلهم ثم نتركهم للسير بمفردهم. التدريب والعناية بصقل المواهب وتقديم الدعم اللوجيستي من الأمور ذات الأهمية العاجلة، ولذا نشير الي أن هناك ضرورة لإقامة مراكز التدريب المهني بكافة أشكاله واقامة الحاضنات ومراكز العناية الشاملة لكل أنواع الخدمات والدعم الأولي والمتوسط… وكل هذا، لفترة من الزمن لتمكينهم التمكين الكافي للانطلاق والاعتماد على أنفسهم. وهذا واجب هام على كل الدول التي يجب أن تضع له الأسس التشريعية والاقتصادية حتي تنهض هذه الفئة الماردة القوية وتشارك نهضة البلاد.

نظرا لعدم توفر التمويل الكافي في الوقت المطلوب ونظرا لعدم توفر الخبرة والتجربة، وهذا ينطبق علي هذه الفئة، ولذا فان نسبة كبيرة من المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ورواد الأعمال تتعرض للخسائر وللفشل والانهيار التام ولهذا مردود سيء عليهم وعلي أسرهم بل وعلي دولهم. نقول ان الفشل والتعرض للمخاطر، بصفة عامة، يعتبر من أبجديات أساسيات كافة الأعمال خاصة التجارية. وسقوط ونهاية هذه المؤسسات أو غيرها بالرغم من أنه مؤلم الا انه لا يعني نهاية الدنيا بل يجب أخذ العظة مما حدث وما يحدث والعمل بجدية لعدم تكرار التجارب الفاشلة والاستفادة منها للتقدم للأمام. ولهذا ففي العديد من الدول توجد برامج إنعاشيه لانعاش هذه المؤسسات عندما تتعرض للضربات أو للتوقف، بل هذا واجب على الدول وعلى المجتمع لضرورة التكاتف لمساعدة المحتاج بقدر المستطاع. والحافز القوي الداعي لهذا، أننا نري نجاح باهر لنسبة مقدرة من هذه المؤسسات ورواد الأعمال وهذا النجاح دليل على امكانية حدوثه. واذا كان في الامكان فلماذا لا يحدث للغالبية. كل هذا ممكن لكنه يحتاج للعزيمة ووضوح الرؤية في أهمية الدور لهذه المؤسسات لأنها ستقود اقتصاد العالم اذا وجدت العناية.

البنوك، في الفترة الأخيرة، أصبحت تولي هذه الشريحة عناية خاصة وتم تأسيس بنوك أو  دوائر خاصة في البنوك للعناية بالمؤسسات الصغيرة والمتوسطة والمتناهية الصغر، وهذه خطوة ايجابية. ولكن لا بد من السير نحو الميل الاضافي المتمثل في وضع لوائح خاصة بمعايير مرنة تستطيع التعامل مع هذه المؤسسات ورواد الأعمال بطريقة لينة وسهلة خاصة في ما يتعلق بإعادة التمويل. ومن الضرورة بمكان أن يتم التعامل مع كل حالة علي حدة حسب وضعها وامكانياتها ومدي سير المشروع وتقدمه ومدي جدية الأطراف… هذا للقناعة التامة بان هذه الفئة ذات وضع خاص ويجب أن يكون لهذا الوضع الخاص خصوصيته. ونري أن تتدخل الجهات الرقابية والاشرافية في هذا الخصوص والتوجيه برعاية هذه المؤسسات مع منحها الخصوصية الخاصة. وهنا يمكن لهذه المؤسسات لعب الدور الريادي… وعلينا الاحسان لها حتي تحسن لنا.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفبذي

ع\ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م البحرين \ دبي