القواعد الموحدة لطلب الضمانات (يو آ ر دي جي 758 )

تقدم غرفة التجارة الدولية بباريس، انطلاقا من دورها المعهود في دعم وتنظيم التجارة الدولية، اهتماما كبيرا بما يحدث من تطورات على أرض الواقع. وهذا الاهتمام يشمل الملائمة بين التجارة الدولية والصناعة المصرفية التي تدعم شرايين حياة التجارة عبر تدفق الأموال وضخها من خزائن البنوك يوميا بمليارات الدولارات لانعاش التجارة وعبرها تطور المجتمعات ورفاهيتها. ومن ضمن النشاطات المصرفية، في هذا الخصوص، نجد ان موضوع الضمانات المصرفية يأتي على رأس القائمة لأهميته المباشرة في فتح سبل التجارة الدولية وتنميتها.

Asia 728x90

وانطلاقا من هذه التوجهات، قامت الغرفة بإصدار العديد من القواعد الموحدة للاعتمادات المستندية والضمانات المصرفية المتعددة، ومنها “القواعد الدولية الموحدة لطلب الضمانات عام 1992″، وبغرض الوصول بهذا الجانب إلي أقص مجالات التطور قامت الغرفة بإصدار “القواعد الدولية الموحدة لطلب الضمانات عام 2010” وهو المعروف اختصارا (يو آر دي جي    758  – 2010). والآن هناك مناقشات لبعض التعديلات لمتابعة التطورات في التجارة الدولية، وما يجري في الصناعة المصرفية.

ان القواعد السارية المفعول، في حقيقة الأمر، شملت العديد من الايجابيات لتجاوز بعض ما كان موجودا في النظام السابق (1992). ومن واقع التجربة، لا بد من القول أن نظام “يو أر دي جي 758 – 2010” يحقق التوازن المطلوب بين المصالح المشروعة للأطراف مثل، مقدم الطلب والضامن والمستفيد من الضمان أو الضمان المقابل. ويتميز النظام بأنه أكثر وضوحا وأكثر دقة وبه تفاصيل تتناول كل مراحل دورة التنفيذ. والتفاصيل مفيدة للأطراف وتدعم الثقة التجارية والمصرفية بينهم. نقول هذا لعلمنا، أن مثل هذه التفاصيل لا تتوفر في العديد من الضمانات والضمانات المقابلة التي لا تحكمها قواعد “يو آ ر دي جي 758 – 2010”. 

ان القواعد الدولية الموحدة لطلب الضمانات (يو أر دي جي 758) تنطبق علي الضمانات والضمانات المقابلة، ولكن، شريطة الإشارة صراحة في العقود (الخاصة بالضمانات والضمانات المقابلة) إلي تطبيق القواعد الموحدة لطلب الضمانات “يو أر دي جي 758”. هذا مع ضرورة القول، أنه ولتحقيق المصلحة تمت الاشارة إلي أن هذه القواعد الموحدة تنطبق، حتي لو لم يتم الإشارة الصريحة لها في العقد، وذلك في حالة علاقتها غير المباشرة مع عقود ضمانات أخري مرتبطة، أو عند ممارسة تطبيقها كعادة تجارية، أو عندما تكون طبيعة التعامل تقتضي تطبيقها. وفي هذا توسيع لنطاق تطبيق هذه القواعد الموحدة، وفعلا ظهر أثر كبير في الممارسة.

وكقاعدة قانونية، فان الالتزام الناشئ عن القواعد الموحدة لطلب الضمانات مستقل تماما عن العلاقة التعاقدية بين الأطراف لأن هذا الالتزام منفصل وقائم بذاته. وأيضا، هذا الالتزام يتميز بأنه غير قابل للرجوع عند صدوره حتى إذا لم يذكر ذلك صراحة في الوثيقة وهذا يعطي “يو آر دي جي 758” القوة الضرورية اللازمة التي تدفع الأطراف للمزيد من الثقة في التعامل لضمان عدم الرجوع. وكإجراء ضروري فان أي طلب للضمان يجب أن يكون مؤيدا بالمستندات الضرورية التي تدعمه، وفي جميع الأحوال يجب علي المستفيد توضيح حالات الخرق أو التجاوزات التي حدثت في العقد والتي بموجبها يتقدم بالطلب للحصول علي مبلغ الضمان أو الضمان المقابل. وهذا من شروط “يو آر دي جي 758” وهو قد لا يتوفر في الضمانات الأخرى، وفي هذا نجد ميزة اضافية لهذه القواعد.

ووفقا للقواعد الموحدة لطلب الضمان يجب التقيد بذكر هوية مقدم الطلب، هوية المستفيد، هوية الضامن، ذكر نوعية العلاقة بين الأطراف، تحديد الضمان والحد الأقصى لمبلغ الدفع والعملة. وهناك اشتراطات أخري لتطبيق “يو آر دي جي 758” مثل توضيح أنها تمثل تعهدا واحدا لدفع المبلغ المطلوب عند الطلب، ويجب أن يكون التعهد بدفع مبلغ محدد قيمته أو الحد الأقصى للمبلغ الواجب دفعه، أن يكون دفع الضمان أو الضمان المقابل بعد تقديم طلب مكتوب. ولكن من الضروري أن نبين أنه وبالرغم من وجود هذه الشروط في قواعد “يو آر دي جي 758″، إلا أن هناك مساحة متوفرة من الفرص للأطراف بحيث يجوز لهم حذف أو إضافة بعض الشروط الجديدة التي يرونها في الضمان أو الضمان المقابل. وهذه نقطة ايجابية وعملية أيضا يجب أن نأخذها في الاعتبار.

من الجدير بالذكر أن “يو آر دي جي 458” و كذلك “يو آر دي جي 758” ينصان علي إمكانية تأجيل أو وقف الدفع وذلك لمنح أطراف الضمان أو الضمان المقابل، أي مقدم الطلب والمستفيد، بعض الوقت للتوصل للاتفاق إلي منح فترة إضافية للدفع. مع ملاحظة أن “يو آر دي جي 458” كانت تنص علي تأجيل أو وقف الدفع “لفترة معقولة” من دون تحديد تاريخ محدد، إلا إننا نلاحظ أن “يو آر دي جي 758” أشارت إلي أنه يجوز للضامن تأجيل أو وقف الدفع “لفترة لا تتجاوز 30 يوما” اعتبارا من تاريخ استلام طلب الدفع. وفي هذا تطور عملي نظرا لأن تأجيل أو وقف الدفع لفترة دون تحديد تاريخ محدد قد يفتح أبواب الخلاف بين الأطراف لأن الفترة المعقولة قد تختلف بحسب نظرة وظروف كل طرف. هذا مع العلم أنه يجب علي الضامن، الالتزام بالدفع إذا تم أمره بذلك إذ أنه لا يستطيع تأجيل أو وقف الدفع في مثل هذه الحالات.

وبالنسبة للقانون الواجب التطبيق وبموجب المادة 34 من “يو آر دي جي 758″، وما لم يتم الاتفاق علي أي قانون آخر، فانه “قانون مكان الضامن” الذي أصدر الضمان ونفس الأمر بالضرورة ينطبق علي الضمان المقابل، وهذا يمنح مقدم الضمان وضعا قانونيا مريحا. وهنا تم التعديل لأن النظام السابق كان ينص علي أن يكون القانون الواجب التطبيق هو قانون مكان الضامن أو الطرف الآمر وإذا كان لديهم أكثر من مكان واحد يكون مكان الفرع الذي أصدر الضمان أو الضمان المقابل هو مكان القانون الواجب التطبيق، وهذا قد يفتح الباب للخلاف.

ولمزيد من التوضيح فان نموذج “فورم” طلب الضمان بموجب “يو آر دي جي 758” يجب أن يشمل التفاصيل الأساسية الآتية مثل نوع الضمان (ضمان دفع مقدم أو ضمان تنفيذ أو ضمان مناقصة)، رقم الضمان، اسم الضامن (اسم وعنوان الفرع)، مقدم الطلب، المستفيد، نوع العلاقة بين الطرفين (نوع العقد، شروط المناقصة، مقدار الضمان والعملة، أنواع المستندات المطلوبة لدعم طلب الدفع واللغة المطلوبة، كيفية تقديم الطلب (عبر الفاكس أو البريد الإلكتروني أو الرسائل البريدية)، مكان تقديم الطلب (عنوان الفرع أو عنوان البريد الالكتروني) تاريخ الانتهاء أي آخر تاريخ للمطالبة بالدفع، اسم الطرف المطلوب منه سداد أي التزامات معينة، أية اشتراطات أخري أو إضافية يراها الأطراف، مع ضرورة الإشارة إلي أن الضمان يخضع للقواعد الموحدة لطلب الضمان “يو آر دي جي 758″، مع توقيع الأطراف المفوضة. وهذا الفورم واضح ويتضمن التفاصيل بصورة سهلة التطبيق مما يساعد علي انتشار استخدامه.

ومن القواعد الدولية “الموحدة” التي تصدرها غرفة التجارة الدولية، نجد صيغة قانونية ملائمة للضمانات والضمانات المقابلة وغيرها، ومن المستحسن الاستفادة منها خاصة وأنها توفر البيئة القانونية السليمة لمثل هذا النوع من التعاملات. والاستفادة متوفرة لكافة القطاعات التجارية المتخصصة في التصدير والاستيراد وكافة الأعمال التجارية ومكاتب الهندسة والمقاولات وكافة البنوك والعملاء والشركات…الخ.

وعبر هذا النظام القانوني المتطور تساهم غرفة التجارة الدولية، كما تعودنا منها، في توفير السبل والضمانات الضرورية التي تمنح كل الأطراف الثقة في التعاملات التجارية والخدمات المصرفية المرتبطة بها. ولنستفيد من هذا المنفذ القانوني الذي تم وضعه بعد عصارة تجارب كثيرة ومتنوعة بهدف اتاحة أفضل السبل القانونية لدعم الأعمال والتجارة الدولية. هذا مع العلم، أن الباب دائما مفتوح للتعديلات كلما طرأت الحاجة والضرورة من واقع الممارسة اليومية، والتجارة متقلبة متطورة وكل يوم لها شأن.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م البحرين \ دبي