القروض الجماعية أو قروض (السندكيت)

Asia 728x90

تتعدد أنواع القروض أو التسهيلات المصرفية التي تقدمها البنوك،

ووفقا للقوانين المصرفية والأعراف المصرفية السائدة فان لكل نوع أحكام وشروط خاصة به. سنتناول في هذا المقال ما يعرف بالقروض الجماعية syndicate (أو قروض السندكيت – القروض المجمعة). في بعض الحالات يكون القرض المطلوب كبير جدا مما يستدعي تقديمه من عدة بنوك، لان القوانين المصرفية لا تسمح لأي بنك بتجاوز مقدار معين يمنح كقرض لشخص أو جهة واحدة (وذلك بغرض توزيع المخاطر) ولهذا تتجمع عدة بنوك لتوزيع مبلغ القرض بينها وبما لا يتجاوز النسبة المحددة لكل بنك، وهذا النوع من الإقراض ينقسم إلي عدة أقسام نذكر منها قرض جماعي، يعطي لشخص (فرد) لتمويل مشروع بناء مصنع، مجمع تجاري أو أي مشروع آخر. أو قرض جماعي، يعطي لشركة صغيرة أو كبيرة لتمويل مشروع تجاري أو بناء مصنع أو خلافه ويشمل كذلك القروض للحكومات والجهات شبه الحكومية لمشروع معين كبناء مطار أو مستودعات كبيرة أو طرق …….. الخ. أو قرض جماعي، يعطى لشخص أو لشركة عامة أو خاصة وذلك كتمويل عام وليس لغرض محدد مثل قروض دعم شركة الطيران.

سنتناول هذه الأنواع من القروض ونوعية المشاكل المصاحبة لكل منها. وبالنسبة للقرض الجماعي باسم فرد واحد لغرض تمويل مشروع تجاري، في مثل هذا النوع من القروض تقوم مجموعة من البنوك بتقديم قرض واحد أو مجموعة من القروض باسم شخص معين لتمويل مشروع تجاري أو بناء مصنع أو أية أعمال تجارية تكون من ضمن أنشطة المقترض. ويكون القرض متاحا للمقترض عن طريق السحب مرة واحدة أو الحصول على دفعات متعددة من قبل البنوك المانحة في خلال مدة زمنية متفق عليها وفي الغالب تكون هي المدة اللازمة لإنشاء المشروع وعلى حسب تطور مراحل البناء وإقامة المشروع. المفترض أن تكون التدفقات النقدية عندما يبدأ المشروع أو المصنع في العمل كافية لسداد القرض ولذلك في اغلب الحالات يتم رهن التدفقات النقدية وأصول المشروع لصالح البنوك المقرضة حتى نهاية سداد القرض.


1






وتتمثل الصعوبات والمخاطر التي واجهتها البنوك في هذا النوع من القروض في أن دراسات الجدوى الاقتصادية لمعظم المشروعات لم تكن كافية ووافية وإغفال بعض الجوانب الفنية للمشروع المراد تمويله مثل تمويل مصنع دون التأكد من كفاية ونوعية المواد الخام التي قد تكون موسمية. وهذا النوع من القروض قد يتم منحه في بعض الأوقات، ليس بالضرورة لجدوى المشروع الاقتصادية والمالية، بل اعتمادا علي اسم وشخص المقترض المعين وسمعته الشخصية في السوق كشركة الوجوه أو ما يسمى lending name. وهنا توجد مخاطر عديدة مثل الإفلاس أو التصفية أو الهروب كما حدث في عدة حالات حيث يأخذ المقترض أموالا طائلة من البنوك نظرا لسمعته التجارية الممتازة ثم يختفي (فص ملح وذاب)، فالحذر من هذه النوعية مطلوب في ظل الانفتاح الحالي.

وكذلك إغفال الجوانب المتعلقة بصرف مبالغ القرض مباشرة لتمويل المشروع فبدلا من دفع مستحقات الفواتير للأطراف التي تتعاقد مع صاحب المشروع لتوريد المواد الخام أو الأجهزة والمعدات وغيره يتم صرف المبالغ دفعة واحدة أو دفعات إلي المقترض نفسه، خاصة وأنه قد يستفيد من علاقاته في البنك. وقد يقوم المقترض بتوجيه هذه المبالغ (الكاش) لأغراض شخصية أخرى لا تمت إلي المشروع بصلة أو يقوم باستخدام الأموال في خدمة مشاريع أخري ليس للبنوك المقرضة علما بها أو لا توجد بها أية صلة ( كالإنفاق علي زواج الأبناء أو السفر حول العالم في إجازة الصيف أو بناء عمارة …. أليس الكاش بيده). إن المقترض الواحد غالبا يكون هو المتحكم في الأموال وقد يقوم بصرفها في غير الغرض الذي منحت من اجله ونظرا للصرف غير الموجه فانه لا يستطيع الوفاء بالتزامات المشروع، الذي كان الغرض للتمويل، ودفع المستحقات للموردين والعاملين. وعند ذلك تبدأ الصعوبات والمشاكل بين المقترض والبنوك المقرضة.

كما قدمنا فان البنوك قد تعتمد علي ما يسمي ب إقراض الاسم” وفي الغالب في هذه الحالات قد لا يقدم المقترض أية حسابات أو ميزانيات ولذلك فان البنوك تجهل تماما الحالة المالية للمقترض وتجهل ما إذا كانت لديه مشاريع أخري وهل عليه التزامات لبنوك أخري، ولذا وعندما تزيد عليه الالتزامات فانه لا يستطيع تأدية حقوق البنوك عند آجالها ويقع الفأس في الرأس.


2






من الملاحظ، ونتيجة للظروف أعلاه، يقوم المقترض بالاستدانة من مجموعة بنوك ليؤدي حقوق بنوك أخرى أو يدخل في مشاريع أخرى و يوسع أنشطته دون دراسة ( من المفترض أن تلعب البنوك المركزية دورا في هذا وذلك عبر وحدة القروض المركزية ويجوز لأي بنك الاتصال بهذه الوحدة لمعرفة القروض المقدمة لأي شخص. وهذا يقلل التلاعب في الاقتراض ويكشف أوراق من تسول له نفسه التلاعب بالقروض وخداع البنوك ولقد نجحت هذه التجربة في الكثير من الدول).

ومن الصعوبات التي تظهر دائما في هذا النوع من القروض هو قيام المقترض بإعطاء “ضمان شخصي” بمسؤوليته عن دفع القرض في حالة عدم تمكن المشروع من السداد وهنا تكمن المشكلة لان الضمان الشخصي في معظم الأحوال لا يكفي لسداد مبلغ القروض وفوائدها خاصة عند حدوث أزمات للمقترض. ومن التجارب المعاشة، وهي مؤلمة حقيقة، عدم تمكن البنوك من التنفيذ على أملاك المقترض وذلك قد يكون لأسباب قانونية أو إجرائية أو لقيام بعض المقترضين بتسجيل أملاكهم بأسماء أفراد من عوائلهم من زوجات وبنات وأخوان وأصدقاء….. وهناك المتخصصون الذين يتفننون في المساعدات.

ان عدم قيام البنوك بالمراقبة الدقيقة على التدفقات النقدية من المشروع عندما يبدأ في العمل أو عدم حبس أو حجز بعض من هذه النقود لتأدية المستحقات، وهذه الحالات التي توضح تقاعس البنوك تزيد من إمكانية عدم الوفاء بالدين. ولاحظنا عندما تحاول البنوك اللجوء للقضاء والحجز علي المشروع فان طول فترة التقاضي وغيره من الصعوبات المرتبطة بالحجز والتنفيذ تزيد من خسائر البنوك حيث لا يقتصر الأمر علي خسارة القرض الممنوح وفوائده بل يضاف إلي ذلك المصاريف القضائية وأتعاب المحامين ورسوم المحاكم والخبراء وهذا إضافة لضياع وقت مسؤولي البنوك، علي مختلف درجاتهم، في الملاحقة اليومية في بعض الحالات.

بالنسبة للقرض الجماعي الذي يقدم باسم فرد واحد لغرض أو أغراض غير محددة فان هذا النوع من القروض يعطي من قبل مجموعة من البنوك لفرد واحد مقترض دون تحديد أي أغراض معينة للقرض، ويعرف هذا النوع بأسماء كثيرة مثل قرض شخصي، قرض تمويل عام، قرض رأس المال العامل Working Capital Loan

وهذا النوع من القروض يتعرض لمعظم أو كل الصعوبات التي ذكرناها عن النوع السابق


3






القرض الجماعي باسم فرد واحد لغرض تمويل مشروع تجاري” بل تزداد الأمور سوءا لان هذا القرض غير محدد الغرض ويمكن استخدامه في أي شي من غير أي رقابة ولذلك فان خسائر معظم البنوك من هذا النوع من الإقراض كبيرة والمخاطر التي تكتنفه عديدة. وهذا يتطلب المزيد من الحرص عند المشاركة في تقديم مثل هذه القروض ويجب أن تكون هناك ضوابط كافية في البنك وعدد مؤهل من الموظفين للمتابعة الواعية.

وبالنسبة للقرض الجماعي الذي يقدم من البنوك باسم مؤسسات او شركات خاصة أو عامة Syndicated loan to private or public company تقوم مجموعة من البنوك (عدد صغير من البنوك أو مجموعة كبيرة من البنوك) بمنح قرض للحكومة أو مؤسساتها أو لشركة خاصة ذات مسئولية محدودة أو إلي شركة ذات ملكية عامة أو مساهمة ويكون في الغالب مبلغ القرض كبيرا وتكون فترة السداد متوسطة الأجل أو طويلة الأجل طبقا لنوعية المشروع والفترة اللازمة لانجازه ومن ثم تشغيله وبدء تدفقاته النقدية.

وهنا وبالنسبة لتحديد اجل القرض ووفقا للأعراف المصرفية فان تحديد اجل القرض يخضع لعدد من السنين من وقت الحصول على قيمة القرض حتى وقت دفع قيمته وتسويته نهائيا، فالقرض قصير الأجل تكون مدته من يوم واحد إلي ثلاث سنوات والقرض متوسط الأجل تكون مدته من ثلاثة سنوات إلي خمسة سنوات والقرض طويل الأجل هو ما فوق خمسة سنوات. وبعض القروض وخصوصا قروض المشاريع الكبيرة قد تصل مدة سدادها إلي ما فوق العشرين سنة. وعلى العموم فان عدد السنين قد يختلف من سوق لأخر وبين مصرف وآخر على حسب السياسات والاعتبارات المتبعة بخصوص استراتجيات الإقراض وضوابط المخاطر.

وبموجب اتفاقيات القرض يتم تحديد التمويل وكيفية صرف هذا التمويل لأنه قد يصرف دفعة واحدة أو علي مجموعة من الدفعات أو مقسما إلي أجزاء مثل تقديم جزء كقرض نقدي وجزء لتغطية خطابات الضمان وجزء للاعتمادات المستنديه لدفع قيمة التوريدات للمشروع من مواد ومعدات وغيرها ………. ويمكن أن يعطي مبلغ القرض بأكثر من عملة واحدة علي حسب الاتفاق مع تحديد أسعار الصرف، ومن الجدير بالذكر أن أي من البنوك المشاركة يلعب دورا معينا في هذا القرض حيث قد يلعب البنك دور البنك القائد (المنظم للقرض) أو البنك المشارك أوالبنك المكتتب وغير ذلك من الأدوار بشان المشاركة في القروض الجماعية أو إدارة هذه القروض.


4






ومن الناحية القانونية فان لكل دور مهام محددة وواجبات يجب الالتزام بها في مواجهة جميع الأطراف المرتبطة بالقرض الجماعي أي أن كل بنك مسؤؤل مسؤولية مباشرة وفردية عن دوره المحدد في القرض الجماعي، وعليه اتخاذ كل الخطوات القانونية للتأكد الذاتي من قانونية التعاقد وفق القانون واللوائح الخاصة، وذلك بالطبع إضافة إلي مسؤوليته الجماعية مع الآخرين كوحدة واحدة متعاقدة مع المقترض.

ومن الجدير بالذكر أن هناك مسائل قانونية هامة مرتبطة بالقروض الجماعية يجب الالمام بها عند مناقشة القروض وصياغتها، مثل كيفية اختيار القانون الواجب التطبيق خاصة وأن البنوك في العادة تكون من دول عديدة وتعمل وفق أنظمة قانونية مختلفة، وكيفية تحديد الاختصاص القضائي، أو اللجوء للتحكيم مع ذكر التفاصيل المتعلقة بالتحكيم، وحدود المسؤولية الخاصة بالبنك والمسؤولية الجماعية مع بقية البنوك المشاركة، الضمانات وأنواعها، التعهدات والالتزامات والتنازلات …….الخ. كل هذه النقاط تحتاج للعناية الفائقة من كوادر البنك الفنية مع الدعم القانوني والنصح السليم..


المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع | د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي