الخميس 4 يونيو 2020 جريدة عمان فوائد حقوق الملكية الفكرية وجائحة كورونافيروس

د. عبد القادر ورسمه غالب

حقوق الملكية الفكرية متعددة الأسباب متنوعة المصادر، ومن أهم هذه الحقوق نجد حق تسجيل العلامات والاسماء التجارية، حق تسجيل براءات الاختراع، وحقوق النشر والتأليف. كل هذه المنتجات الفكرية الذهنية التي ينتجها العقل البشري كانت تذهب هباءا منثورا دون تحقيق فائدة مادية لصاحبها، صاحب الفكر المتوهج والذهن النظيف المتفرد. ولكن الآن، تغير الوضع بموجب أحكام قوانين الملكية الفكرية المعاصرة حيث تم الاعتراف بحقوق الملكية الفكرية ومنحها قيمة مادية ثمينة، ونجد منها، حق تسجيل العلامات والاسماء التجارية، وتسجيل براءات الاختراع وحقوق النشر والتأليف. كل هذه المنتجات الفكرية الخاصة، تعود بالفوائد العديدة لصاحبها ومن قام بانتاجها ثم تسجيلها في اسمه رسميا. وقوانين الملكية الفكرية الوطنية، واضافة للمعاهدات والمواثيق الدولية المتعلقة بالملكية الفكرية، قامت بتعريف وتنظيم وتقنين الملكية الفكرية وكل الحقوق المرتبطة بها وايلولتها ومدتها حتي نهايتها.

Asia 728x90

والآن، في عصرنا الحالي، وبفضل هذه القوانين والمعاهدات الدولية استفاد الكثيرون من انتاجهم الفكري والذهني المبدع الفريد المفيد. وفي هذا فائدة مباشرة لهم شخصيا، وكذلك هذا الوضع يفتح شهية الآخرين للاجتهاد والبحث عن الانتاج الفكري للحصول على مثل الفوائد التي يستمتع بها غيرهم من أصحاب الابداع والانتاج الفكري. وفي هذا الخصوص، نود أن نلفت النظر الي ضرورة تسجيل حقوق كل المنتجات الفكرية لأن هذا التسجيل يشكل “صمام الأمان” لصاحب الفكر المبدع حيث لا يجوز استخدام انتاجه الا بعد الحصول على موافقته وغالبا بالمقابل الذي يتم الاتفاق عليه. وهكذا، أصبح الانتاج الفكري يشكل موردا ماليا ماديا دائما لصاحب الحق المسجل وفق أحكام القانون. ان فلسفة حماية الملكية الفكرية وتحويلها لعوائد مادية تجارية، قادت الي احداث ثورة عارمة في النتاج الفكري في شتي المجالات الفنية والاكتشافات العلمية والكتابة الأدبية والشعر والرسم والتأليف الموسيقي وعمل الدزاين والاسكتشات وتصنيع الروائح والأشكال والألوان وغيره مما يأتي من الفكر البشري غير المحدود الحدود بفضل الخالق.. “..علم الانسان..” . وكما نرى، استفاد الكثيرون من تسجيل حقوقهم للملكية الفكرية المبدعة والمؤثرة في تطوير البشرية، وكل هذا بفضل القوانين المنظمة لهذا المجال.

ومن الجدير بالذكر، أن العلامات التجارية واللوقو والأسماء التجارية وبراءات الاختراع وحقوق النشر والتأليف وما يرتبط بها من حقوق مجاورة، تزداد قيمتها التجارية مع الزمن وخاصة كلما قامت الشركة أو الشخص بالمزيد من الانتاج والابداع والسيطرة على السوق ومزاج المستهلك للحاجة العامة له. ومع كل يوم ومع كل قطرة عرق ومع كل شحذ ذهني، تزيد قيمة الأسماء والعلامات التجارية وبراءات الاختراع، وأصبحت قيمتها المتزايدة “ثروة” ثرة لصاحبها. وفعليا، هناك من قام ببيع هذه الحقوق وجنى من ورائها أموالا طائلة لا تحصي ولا تعد. والأمثلة كثيرة في شتي المجالات الصناعية والانتاجية والفنية وغيره. وفي مقابل الانتاج الجميل، دائما هناك من يبيع وهناك من يشتري أيضا..

ونلفت النظر، الي أن الاهتمام بتسجيل حقوق الملكية الفكرية والعمل على رعايتها وتطويرها حتي تملأ اللآفاق سيعود بفوائد كبيرة ظاهرة ومستترة. ومن خير الأمثلة، نشير الي ما تم مثلا في “شركة كوداك” الشهيرة للتصوير وانتاج الصور والألبومات والافلام والأشرطة والوثائق والمواد التاريخية. وكما هو معلوم، تعرضت هذه الشركة لنكسة قوية وللافلاس لعدة أسباب فنية وتجارية لخروجها من السوق بسبب الطفرة التقنية والكل لديه كاميرا في الموبايل في يده. ولكن، بسبب قوة اسمها التجاري وانتاجها الفني الخلاب، وجدت كوداك أن لديها ثروة خفية في الحقوق المرتبطة بالمنتجات الفنية المسجلة باسمها. وبالفعل تم بيع هذا الانتاج الفكري المبدع بملايين الدولارات مما خفف من وطأة الافلاس والخروج من السوق مع الاحتفاظ ب”ماء الوجه” المشرق الكامل الاشراق بسبب الجهد والابداع الفكري الذي رافق الشركة ومبدعيها طيلة فترة عملهم. وهكذا، وكما يقولون، فان حقوق انتاجك الفكري تتلألأ وتعتبر “قرش أبيض” في يدك يمكن الاستفادة منه في “اليوم الأسود”، وبسببها يظل وجهك مشرق أبيض. 

الآن يعاني العالم من جائحة كورونافيروس، ومن أخطر الآثار السلبية التي نمر بها، الضائقة الاقتصادية التجارية المالية. ولم ينج أحد من سيف هذه الجائحة البتار، وتعرضت كل الأعمال والشركات للخسائر المادية وسيستمر الوضع الأسود لفترة قادمة لا يدري أحد مداها وأجل نهايتها. والكل يرتجف من العواقب، وفي مثل هذه الظروف، نعتقد جازمين، بأن من لديه حقوق ملكية مسجلة سيكون في وضع أفضل من غيره. لأن هذه الحقوق تعتبر شهادة ملكية أو وثيقة “براءة ذمة” لصاحبها وعبر التصرف فيها يمكنه تجاوز الضائقة. ويمكنه اذا دعى الأمر، بيع هذه الحقوق بمبالغ تغطي الخسائر وتحويلها لأرباح اضافية يمكن استثمارها في المستقبل المنظور. وفي رأينا، ان كل حقوق الملكية الفكرية مثل حق تسجيل العلامات والاسماء التجارية، وتسجيل براءات الاختراع، وحقوق النشر والتأليف، وغيرها من المنتجات الفكرية الثمينة ستعود لك بالفائدة أثناء فترة أعمالك. كذلك وبنفس القدر، ستعود بالفائدة، أثناء تعرضك لأي هزة أو هزات تضر بأعمالك أو توقفها نهائيا، مثل حالة جائحة كورونافيروس أو غيرها من الجوائح.

نقول هذا، لأن حقوق الملكية الفكرية المسجلة، تعطيك الحق في بيعها أو رهنها أو اعادة تسجيلها لأي أسباب اضطراراية في أي وقت لسد الحاجة المؤقتة أو الدائمة. فلنحرص على رعاية وتقويم هذه الحقوق لأنها ستكون “خير واقي” ومعين لنا في مثل هذه الظروف الاستثائية الاضطراراية غير محمودة العواقب.. وبانتاجك الفكري يمكنك صد أو تجاوز الكوارث وشتى الجوائح.

د. عبد القادر ورسمه غالب

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات

البحرين \ دبي