اجراءات غرفة البحرين لتسوية المنازعات (بي سي دي آر)

الخميس 8 ديسمبر 2022

Asia 728x90

يلعب التحكيم دورا ملموسا في تسوية المنازعات وذلك لعدة أسباب من بينها سرعة الفصل في النزاع،اضافةةللسريةالتي تحيط تحيط به من كل الجوانب وغير ذلك من الأسباب المنطقية الأخري. وبات اللجوء للتحكيم كأحد البدائل المتوفرة لتسوية النزاعات أمرا واقعا وممارسة منتشرة في كل العالم عبر مراكز التحكيم المرموقة المنتشرة في كل الأركان. ووفق القانون، فان التحكيم يعتبر نهائي وملزم ونافذ، وهذا هو المطلوب لتسوية المنازعات.

وانطلاقا من هذه التوجهات العالمية، نجد أن البحرين تسير في نفس الاتجاه وتدعم التحكيم لتوفير العدالة الناجزة في بلد ينتهج مبدأ سيادة القانون وتوفير كل السبل القانونية والاجرائية لحسم المنازعات لحفظ الحقوق. وفي هذا الخصوص، تم إصدار التشريعات اللازمة لقيام غرفة البحرين لتسوية المنازعات مع توضيح اختصاصاتها و صلاحياتها بصفة عامة. و لتمكين هذه الغرفة من مباشرة مهام اختصاصاتها قام وزير العدل بإصدار لائحة إجراءات تسوية المنازعات التي تختص بها غرفة البحرين لتسوية المنازعات و ذلك بموجب الفصل الأول من الباب الثاني من المرسوم بقانون رقم (30) لسنة 2009. مع العلم، أن هذا الفصل يعني بالقضايا التي يجب نظرها أمام هذه الغرفة بصفة إلزامية وجوبية بموجب القانون. و لا بد من ملاحظة أن هذه اللائحة لا تغطي الفصل الثاني من الباب الثاني، و الذي يتناول اختصاصات الغرفة حيال القضايا “غير الإلزامية” والتي تحال لها باتفاق الأطراف كتابة.

ووفقا للاجراءات أمام هذه الغرفة يكون حضور أطراف الدعوي، سواء أمام مدير الدعوي أو الهيئة، بأنفسهم أو من يوكلونهم من المحامين أو الوكلاء طبقا لقانون المحاماة. و ما يهمنا الإشارة إليه تعيين “مدير الدعوي” والدور الذي يقوم به، لأن مدير الدعوي يختص بإدارة الدعوي طبقا لأحكام لائحة الإجراءات أمام الغرفة و لديه دور كبير في كسب الوقت وإعداد ملف الدعوي. وتشترط اللائحة أن يكون “مدير الدعوي” متمتعا بالحيدة والاستقلال، وعليه عند توليه مهام إدارة الدعوي أن يفصح لمسجل الغرفة عن أية ظروف أو ملابسات يحتمل أن تؤدي إلي إثارة الشكوك حول حيدته أو استقلاله. وكذلك، إذا استجد أي من تلك الظروف أو الملابسات أثناء إدارته الدعوي وجب عليه أن يفصح بذلك في حينه للمسجل. والمقصود بالحيدة و الاستقلال هنا وجود درجة من القرابة حتى الدرجة الرابعة، أو وجود مصلحة شخصية، أو يكون قد سبق أو أفتي أو ترافع عن أحد الأطراف أو كتب رأيا فيما يتعلق بالدعوى.

وعند توفر أي من هذه الحالات أو ما يستدعي ذلك، يجوز لأي من أطراف الدعوي تقديم طلب للمسجل يطلب فيه استبدال “مدير الدعوي” المعني بمدير آخر يحل محله. هذا، وكما يجوز لمدير الدعوي بنفسه، إذا استشعر الحرج من إدارة الدعوي لأي سبب يراه، أن يخطر المسجل بذلك الشعور ويطلب منه تعيين مديرا آخرا لإدارة الدعوي. ومن مجمل هذه الوقائع يتبين مدي الحرص على توفر الحيدة والاستقلالية في “مدير الدعوي” وهذا أمر هام جدا ومطلوب لأنه يدعم الاطمئنان مع توفير الثقة المطلوبة لأطراف الدعوي. ويجب على أطراف الدعوى استنفاذ هذا الحق القانوني لأنه يمثل أحد الأعمدة الأساسية في تسوية المنازعات عبر التحكيم.

يقوم “مدير الدعوي” في الاجتماع الأول المحدد لإدارة الدعوي بتسليم الأطراف جدولا بالمواعيد التي يجب على الأطراف الحضور فيها أمامه ويثبت ذلك في المحضر، وهذا يعتبر إعلانا للأطراف بهذه المواعيد. وتنص اللائحة بوجوب ألا تزيد مدة إدارة الدعوي أمام “مدير الدعوي” على أربعة أشهر من تاريخ تقديم لائحة الدعوى. ويجوز بقرار من الرئيس التنفيذي للغرفة، وبناء علي طلب مسبب من مدير الدعو، مد هذه المدة و بما لا يجاوز أربعة أشهر. ومن تحديد هذه الفترات يتبين الحرص على تحقيق فلسفة التحكيم المتمثلة في سرعة الفصل في تسوية المنازعات وفي خلال مدد محددة قد يصعب توفرها أمام المحاكم القضائية العادية، اذا جاز لنا المقارنة.

وبموجب اللائحة، على كل طرف في الدعوي أن يقدم خلال الاجتماعات المبينة بجدول المواعيد كافة الأمور المتعلقة به في الدعوى وتقديم كل ما يؤيد إثباتها من مذكرات وأدلة وطلبات بإجراءات الإثبات.   وكل ما يتعلق بدعواه أو دفاعه، بما في ذلك اختيار القانون الواجب التطبيق، واللغة، وكذلك طلبات إلزام الجهات الإدارية بتقديم ما في جوزتها من وثائق ومعلومات… هذا ويجوز للمدعى عليه في خضم دفاعه تقديم “الدفوع القانونية” الخاصة برد الدعوى وعدم قبولها مثل عدم الاختصاص، وسبق الفصل في الدعوي، أو التقادم بمرور الزمن، أو بانعدام صفة المدعي أو أهليته أو مصلحته أو لأي سبب.

وبعد هذه المرحلة، يتولى “مدير الدعوى” في الاجتماع الأخير المحدد لإدارة الدعوى إعلان أطراف الدعوى بالموعد المحدد لنظرها أمام الهيئة. ويجب على “مدير الدعوى” في هذه المرحلة القيام بإعداد تقرير ضافي يتضمن وقائع الدعوي وحجج الأطراف وطلباتهم ودفاعهم وما استندوا إليه من أدلة وما تقدموا به من طلبات، ويجب عليه إحالة ملف الدعوى خلال ثلاثة أيام عمل إلي الهيئة مرفقا به التقرير الذي قام بإعداده. وهذه الخطوات الإجرائية تبين الدور الهام الذي يلعبه “مدير الدعوي” إضافة للتقرير الذي يقدمه بإحالة الدعوى للهيئة خلال الفترة القانونية المحددة له.

وبالنسبة للهيئة فإنها تشكل من ثلاثة أعضاء ويصدر بتسمية الأعضاء قرارا من المسجل ويعلن أطراف الدعوى بنسخة من القرار فور صدوره. ويكون تشكيل الهيئة من ثلاثة أعضاء اثنان منهما من القضاة المدرجة أسمائهم في القائمة التي تتضمن أسماء القضاة الذين يندبهم المجلس الأعلى للقضاء بناء علي طلب وزير العدل علي ألا تقل درجة أي منهم عن درجة قاضي بمحكمة الاستئناف العليا، أما العضو الثالث يتم اختياره من ضمن الأسماء المدرجة في الجدول المعد لذلك بالغرفة أو أي مؤسسة معتمدة من الغرفة. واستثناءا من هذه الطريقة، يجوز لطرفي الدعوى وفي خلال شهر من تاريخ إعلان المدعى عليه بلائحة الدعوى الاتفاق على أن يختار كل منهما عضوا في الهيئة، وعلى الأطراف أن يتحملا مناصفة فيما بينهما كل مصاريف وأتعاب العضوين المختارين، ويتم اختيار أحد القضاة من القائمة المشار لها أعلاه ليتولي رئاسة الهيئة للفصل في هذه الدعوى. ومنح الأطراف الفرصة في اختيار أعضاء الهيئة يحقق مبدأ “التحكيم إرادة الأطراف”، وفي جميع الأحوال يجب أن يتمتع أعضاء الهيئة بالحيدة والاستقلال التام وإلا فشلت كل المساعي لتحقيق العدالة وتسوية المنازعات عبر التحكيم…

لقد تم الفصل في الكثير من القضايا أمام الغرفة ووفق الفترة الزمنية التي يحددها القانون، مع العلم أن مبالغ بعض هذه القضايا كبيرة جدا اضافة لتعقيدات الوقائع. ومن واقع ما حدث ويحدث يتضح أن هدف وفلسفة إنشاء الغرفة كان أمرا صائبا لتحقيق العدالة السريعة الناجزة والنافذة. ونتطلع الى قيام الغرفة بوضع أسس العدالة العادلة في البحرين عبر وضع أحكام وسوابق قضائية تقود إلي تعميق المفاهيم القانونية السليمة وحسن تطبيقها. 

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

ع \ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

المؤسس والمدير التنفيذي البحرين \ دبي