اتفاقية الأمم المتحدة لعقود البيع الدولي للبضائع (سي آي أس جي) 1980

الخميس 2 فبراير 2023

Asia 728x90

قامت الأمم المتحدة، وفي سبيل تنفيذ اختصاصاتها لتطوير التعاون والتجارة الدولية، بتشكيل أمانة لجنة الأمم المتحدة للقانون التجاري الدولي (أمانة الأونسيترال) لإعداد اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي للبضائع.   وقامت أمانة الأونسيترال بإعداد عدة اتفاقيات دولية كان لها الأثر الفعال في هذا الخصوص ومنها “اتفاقية التجارة الالكترونية” و”اتفاقية التحكيم الدولي والالكتروني”. والغرض المزمع من هذه الاتفاقيات دعم وتطوير الأعمال التجارية لتحقيق الرفاهية والنماء في عالم يسوده الأمن والاستقرار. والآن هناك قوانين وطنية عديدة وهامة قامت على التوجيهات الاسترشادية الصادرة من الأونسيترال.

أوضحت المذكرة التفسيرية، الصادرة من الأونسيترال، العديد من النقاط الهامة المتعلقة بالاتفاقية للتقيد بها عند التطبيق. مع تبيان إن اتفاقية الأمم المتحدة بشأن عقود البيع الدولي تهدف إلي تقديم نصا موحدا لقانون (اتفاقية) موحد يتعلق بالبيع الدولي للبضائع. هذا مع العلم أن المحاولات الدولية لأعداد قانون موحد للبيع الدولي للبضائع بدأت في 1930 في روما ولكن توقفت الجهود بسبب الحرب العالمية. ولاحقا في عام 1964 تم إعادة تقديم القانون الموحد، ومن هذا تكونت البذرة لاتفاقية دولية للعناية بتقنين هذا الموضوع الهام المتعلق بالبيع الدولي للبضائع. ولكن ما دعى لعدم التفاعل مع هذا التوجه في الاتفاقيات السابقة وجود الأثر الأوربي المهيمن على تلك الاتفاقيات لتحقيق مصالح هذا الجزء من العالم دون الأقطار الأخرى. وهذا غير محبذ لأنه قد يفقد الاتفاقية الصفة “الدولية” ويجعلها إقليمية. ومن هذا تواصلت الجهود الصادرة من أمانة الأونسيترال ووجدت الاتفاقية القبول والاعتماد من كل الدول، تقريبا، ومن منا لا يرغب في توفر البضائع الدولية من الشرق أو الغرب، من الشمال أو الجنوب، والبقاء بالطبع للأفضل والأمثل. ومعيار تطبيق اتفاقية الأونسيترال هو سريانها علي عقود بيع البضائع المعقودة بين طرفين توجد أماكن عملهما في دولتين مختلفتين وتكون كلتا الدولتين متعاقدتين، أو عندما تؤدي قواعد القانون الدولي الخاص إلي تطبيق قانون دولة متعاقدة، كما يمكن تطبيق الاتفاقية باعتبارها القانون الواجب التطبيق على العقد. ولقد تم توسيع نطاق التطبيق حتى يتم ضمان تنفيذها على أكثر الدول من مناطق العالم المختلفة ترسيخا لمبدأ توسيع آفاق التجارة وتحرك البضائع بسهولة في كل الاتجاهات لتلبية نهم المستهلك في كل مكان. وهنا، تقوم البنوك بدور كبير عبر اصدار واعتماد وتأكيد وضمان الاعتمادات المستندية بأشكالها المختلفة والتي تغطي غالبية التجارة بين الأطراف في الدول المتعددة.

ومن المبادئ القانونية الأساسية التي تمسكت بها هذه الاتفاقية الدولية، الاعتراف بضمان الحرية التعاقدية في البيع الدولي للبضائع وذلك لأن الاتفاقية تنص علي السماح للطرفين باستبعاد تطبيق هذه الاتفاقية أو بالخروج عن أي حكم من أحكامها أو تعديل آثار هذا الحكم. وبموجب هذا يجوز للأطراف اختيار قانون دولة غير متعاقدة أو اختيار القانون الوطني لدولة متعاقدة ليكون القانون الواجب التطبيق على الاتفاقية. ولمزيد من التوضيح بالنسبة لعقود البيع الدولي للبضائع فان الاتفاقية تتضمن أنها تقتصر على تكوين العقد وعلى الحقوق والواجبات التي ينشئها العقد لكل من البائع والمشتري والجزاءات المتعلقة بمخالفة أي من الأطراف لالتزاماته. ومن أهم هذه الالتزامات، على البائع تسليم البضائع التي تكون كميتها ونوعيتها     وأوصافها وتغليفها وتعبئتها مطابقة لأحكام العقد مع ضرورة تسليم البضائع خالية من أي التزام أو حق أو ادعاء للغير بما في ذلك الحقوق المتعلقة بالملكية الصناعية أو أي ملكية أخري. وتتضمن الاتفاقية الأحكام المنظمة للعرض والقبول وكل هذه النقاط هامة لمنع اللبس أو سوء الفهم عند التطبيق، خاصة وأن الأطراف في جهات مختلفة، مع العلم أن هناك قضايا كثيرة تنشأ عن مدى انطباق وصحة المواصفات والنوعية.. ومن هذا قد يكون من الأفضل للجهات المتعاقدة وضع أحكام الاتفاقية كجزء من العقد حتي يستفيد الأطراف من التجارب العالمية المرتبطة بكل أنواع البضائع كالشاي أو البن أو القطن أو الصمغ العربي أو الفواكه أو غيره من المواد المستهلكة على نطاق واسع وفي كل يوم.

إن الإشارة لتضمين الاتفاقية كجزء من العقد المبرم بين الأطراف يتيح لهم الاستفادة من عدة تجارب دولية مقننة تتمثل في اتفاقية الأمم المتحدة بشأن فترة التقادم في البيع الدولي للبضائع (اتفاقية التقادم) وكذلك اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة باستخدام الخطابات الالكترونية في العقود الدولية (اتفاقية الخطابات الالكترونية) وهذه الاتفاقيات هامة لتعزيز التجارة الدولية وفق الأطر القانونية المحددة في الاتفاقيات، والإشارة لها في العقد يعطي الأطراف الحق في الاستفادة من هذا التقنين. وكمثال، فان انتشار العمليات التجارية عبر الانترنت ووسائل التقنية الحديثة والذي تنظم أحكامه اتفاقية الخطابات الالكترونية، يجعل اللجوء إلي هذه الاتفاقيات أمر مفيد بل حتمي.

ولا بد من الاشارة الى أن هناك أنواع عقود مستبعدة من نطاق تطبيق الاتفاقية مثل البضائع التي تشترى للاستعمال الشخصي أو العائلية أو المنزلي أو عقود بيع المزاد أو عقود تنفيذ الحجز أو غيره من العقود التي تتم بأمر قضائي أو العقود المتعلقة بالأوراق المالية والأسهم وسندات الاستثمار والصكوك القابلة للتداول والنقود والسفن والمراكب والطائرات والكهرباء.. وهذا نظرا لأن الكثير من الدول تعتبر أن هذه العقود ذات طبيعة خاصة وأن لديها قوانين وأنظمة سارية تعكس هذه الطبيعة الخصوصية.

إن دول المنطقة تتعامل في تجارة البضائع مع كل العالم، وهذا بالطيع يشمل الصالح والطالح، والمتقدم والمتأخر، ولضمان الحقوق ولتسهيل سريان انسياب التجارة الدولية وفق أسس قانونية سليمة فإننا نرى ضرورة انضمام كل الدول لهذه الاتفاقية أو الانضمام بصفة جماعية، وبهذا نكون جزءا من التوجهات الدولية التي تسعي لتنظيم تقننين كل الأمور المتعلقة بالتجارة الدولية بين كل جهات العالم. ولنتسابق في وضع يدنا مع المجتمع الدولي للاستفادة من مثل هذه المخرجات القانونية المفيدة لنا ولغيرنا بل لكل المجتمع الدولي المتطلع لانسياب التجارة في أمان وسلامة. وبانسياب التجارة تتوفر الخيارات وتنخفض الأسعار ويستفيد المستهلك وتسود التنمية والرخاء وهذا بدوره يقود للأمان والسلام بين الشعوب المختلفة ودولها.

  المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع| شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي