أهمية مجابهة المخاطر السيبرانية

Asia 728x90

ممارسة الأعمال عبر التقنية ووسائلها أصبحت واقعنا المعاش الذي لا مفر منه. وفي هذا الخصوص، بالرغم من التنبوءات والتجهيزات والاحتياطات التي نقوم بها وبكل الحرص، الا ان مخاطر التقنية المتمثلة في مشاكل وضغوط الأمن السيبراني تأتي الينا والي شركاتنا من حيث ندري ولا ندري، بل انها تأتي فجأة ومن أي صوب وفي أغلب الأحيان فان هذه المخاطر تأتي من حيث لا نحتسب ولا نتوقع ولا نضعها في الخيال. وهنا مكمن الخطر حيث أنها قد تأتي من أقرب شيء اليك أو من أحب شئ الى نفسك والى عملك.

وفي الآونة الأخيرة زادت وتيرة المخاطر السبرانية على كل الأعمال وأرتفعت هذه الوتيرة عاليا. وهذا حدث وبصفة خاصة بعد جائحة كورونا “كوفيد 19، وهذا يرجع للهلع والذعر الذي أتي بسبب الجائحة وفقدان الأرواح والأعمال مما أدى الى الاسراع في تغيير وتيرة العمل من الدوام الرسمي في المكاتب الي العمل عن بعد ومن البيوت عبر الوسائل التقنية المتعددة التي أصبحت لا تفارق اليد. وهذا الارتفاع في المخاطر أتى لأن الباب انفتح على مصراعيه للعمل عن بعد والتواصل عبر التقنية بصورة مكثفة جدا، ومن نفس هذا الباب الذي فتحناه بأنفسنا لتجنب مخاطر الجائحة تأتي المخاطر السيبرانية لنا ولكل الأعمال وللشركات فى كل مكان.

وأيضا من حيث لا ندري، وقبل أخذ نفس عميق بعد الانخفاض الجزئي لحدة الكرونا، نشبت الحرب الروسية الاوكرانية مما زاد من وتيرة المخاطر السيبرانية، لأن جزء كبير من هذه الحرب تقني وسيبراني. وبسبب هذا الوضع المتأزم في مواجهة مثل هذه الحروب الالكترونية وما يأتي منها، قالت شركات كثيرة وكذلك دول كبيرة أنها ستغير خططها وبرامجها المتعلقة بالخدمات التقنية التي تتبعها وتسير عليها الأن نظرا لتغير الأوضاع والممارسات التقنية التي وصلت لدرجة الحروب. وفي نفس الوقت، نلاحظ تغيير الأوضاع الاقتصادية العالمية وتدهورها على المستوي العالمي، وهذا أيضا، سيزيد الطين بلة وسيكون له أثر مباشر على السياسات المتبعة لمواجهة المخاطر السيبرانية. والتدهور الاقتصادي يلمس جيوب الأفراد وميزانية الشركات والدول، وهذا بالطبع قد يؤثر سلبا على الانفاق في مواجهة المخاطر السيبرانية لتقليل الانفاق كرد فعل معاكس للتدهور الاقتصادي. وهذا هو حقيقة الوضع الناجم والذي قاد الى تقليل الانفاق بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية. وهذا يحدث بكل أسف بالرغم من وجود الحاجة الماسة للاهتمام الكبير بمواجهة المخاطر السيبرانية والانفاق عليها والا سنخسر الحرب وسنخسر الأعمال. وعلى الشركات توخي الحذر لأن المخاطر السيبرانية اذا وجدت الفرصة قد تعشعش داخل الشركات مستفيدة من تقليل الصرف في مواجهتها، وبهذا يتجذر الخطر وينمو من الداخل.

ومن مثل هذا الواقع الجديد على الشركات التركيز أولا على مواجهة المخاطر التقنية الداخلية وعلى رأسها المخاطر السيبرانية. وهذه المواحهة تتطلب الجهود وذلك يأتي من تكثيف الاهتمام بتوعية وتدريب العاملين لرفع الكفاءة والمقدرة وتجنب المخاطر وحسن ادارتها بواسطة الجميع في الشركة، وهذا من دون شك سيكون له دور مباشر ومفيد جدا في الشركات. كلنا نعلم، ان المخاطر السيبرانية تقلل من عوائد الاستثمارات التي تهرب حالما ترى المخاطر في الافق، وفي هذا خطر كبير، ولكن لا توجد شركة سليمة ومحصنة تماما من هذه المخاطر لأنها موجودة معنا طالما نستخدم التقنية في كل خطواتنا وأعمالنا.

مخاطر الأمن السيبراني تشكل تهديدا حقيقيا للتفنية وتطورها بل انها تؤثر بصورة مباشرة على استفادتنا الكاملة من التقنية، وفي هذا خسارة كبيرة وعظيمة لأن فوائد التقنية لا تعوض مهما كان لأننا في عصر التقنية. بل وصلت بنا التقنية الى جيل عصر الصناعة التقنية عبر البلوكشين والانترنت أوف سنقنس

والذكاء الاصطناعي، وهذه النشاطات التقنية ستغير من وضع الحياة تماما وتضعه في عالم آخر وفي نهضة عصرية تقنية متطورة لا يمكن الرجوع عنها لأنها أصبحت “أمر واقع” لا مفر منه.

وفي خضم محاربة المخاطر السيبرانية ومواجهتها، تم وضع القوانين الخاصة بالجرائم السبرناية الالكترونية. وهذه القوانين تردع كل من يرتكب الجرائم السبرناية بشتي أنواعها وأشكالها. وفي كل الدول نجد دوائر خاصة متمرسة بالتحقيق في الجرائم السبرناية الالكترونية، وفي هذه الدوائر كفاءات تقوم بالتحقيقات الفنية للبحث عن الأدلة الفنية (فورنسك افدنس) لفك طلاسم الجريمة الالكترونية وللوصول الي المجرم الالكتروني الذي قام بها. وهذه القوانين الخاصة، في نظرنا، حتى تحقق هدفها المنشود تحتاج لمسايرة التطورات لأن التفنية كل يوم تتطور وكذلك يتطور ما يرتبط بها من الاجرام التقني الالكتروني. وهذا يتطلب وضع تشريعات مرنة تتحمل كل التغيرات التقنية وتتعامل معها بكفاءة قانونية وفق أحدث وأعلى المعايير التقنية والقوانين المواجهة لها. والقانون يجب أن يسمح بالتطورات التقنية ويرعاها ولكن في نفس الوقت يجب أن يكون له أسنان قوية وأيادي قوية لوقف كل من يعمل ضد القانون وفي أي وقت وبالسرعة والكفاءة المطلوبة.

والقوانين وحدها لا تكفي، وعلى الشركات وقطاعات الاعمال اتخاذ العديد من المحاذير والاجراءات لتقليل خسائر المخاطر الالكترونية التي تحوم حولنا ولا مفر منها. ومن هذه الاجراءات الاحترازية مثلا، اتخاد المزيد من الضوابط خاصة في الجوانب التي قد تكون سهلة للاختراق الامني، وكذلك اللجوء للاستعانة بخبراء من الخارج (أوت سورسنق) للمساعدة بأقل التكاليف، ومع هذا ضرورة وضع استيراتيجية واضحة للتحرك السريع والمتمكن كلما ظهرت بوادر المخاطر الالكترونية والتعامل مع كل وضع بالكفاءة المطلوبة والقضاء عليه في مهده. ومن المهم القول بأن التعامل مع بعض المخاطر السبرناية الفجائية قد يكون صعبا جدا ومكلفا ولذا فان منح الالولوية من بداية قيام الشركة لوضع اجراءات احترازية متكاملة للمواجهة العامة المستمرة للمخاطر في أي وقت قد يكون من السياسات الحكيمة التي تأني أكلها في كل الأوقات وبأقل التكاليف.

التقنية باقية للأبد وسيستفيد منها العالم بل كل شخص فيه، وهذا علم ينتفع به لصالح الجميع. لكن، اليد الاجرامية تفكر في مصالحها فقط ولينتهي العالم دون ذلك. ومن هنا تأتي أهمية الأمن السيبراني ومجابهة المخاطر السبرانية التي تقود للهلاك وللضرر، وفي مقدورنا مواجهتها وتصفيتها أو على الأقل الحد منها ومن آثارها السلبية. وهذا واجب كل شركة وكل دولة بل وكل انسان لأن هذه المواجهة تهم الجميع بدون فرز. وبالعزيمة الجادة ستستمر التقنية لفائدة الجميع.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع\ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي