الخميس 4 أبريل 2024
قامت وزارة الصناعة والتجارة في البحرين باصدار مبادئ حوكمة الشركات، ولقد تم ذلك وفق أقضل الممارسات العالمية، بهدف تحسين الوضع المؤسسي وادارة الشركات في البحرين وبما يعود بالنفع على الشركات وملاكها وكل الجهات المرتبطة بما فيها عموم المجتمع. وفي الأساس فان قوانين الشركات ولوائحها التنفيذية هي التي وضعت لتضبط وتحكم الأداء في كل ما يتعلق بالشركات وادارتها، ولكن نظير بعض الممارسات غير السليمة والمخالفة للمهنية والاخلاق السائدة تم استحداث نهج اداري جديد لاضفاء المزيد من السيطرة على أداء الشركات ومن يديرها مع تحمل المسؤولية والمسائلة وسط افصاح تام وشفافية ومكاشفة كاشفة. وهذا النهج الجديد يعرف بالحوكمة أو حوكمة الشركات أو الحاكمة أو “حَوْكَمة” ويستعمل أيضا لفظ “الحاكمية” كمصطلح جديد في العربية وُضِع في مقابل الكلمة الانجليزية Governance
وكذلك يستعمل أيضا مصطلح “الحوكمة” على وزن فوعلة (في سياق كل من العولمة والحوسبة والحوكمة والرسملة). والحوكمة باختصار شديد هي النشاط الذي تقوم به الإدارة في الشركة أو في غيرها من المرافق. وهي تتعلق في الغالب بالقرارات التي تحدد التوقعات، أو منح السلطة، أو التحقق من الأداء. وفي هذا، فان الحوكمة تتألف إما من عملية منفصلة بذاتها أو من جزء محدد من عمليات الإدارة أو القيادة. وفي بعض الأحيان تتألف من مجموعة من الناس تشكل “حكومة” أو هيئة لإدارة هذه العمليات والنظم بصورة سلسة.
ومثلا، عند الحديث عن منظمة ما أو شركة، سواء كانت تهدف للربح أو لا تهدف له، فإن الحوكمة تعني العمل على وجود إدارة متسقة، وسياسات متماسكة، منها التوجيه، والعمليات، واتخاذ القرارات في جزء معين من المسؤولية. وهنا، وعلى سبيل المثال، فان الإدارة على مستوى الشركات قد تنطوي وتعمل على تطور تلك أو بعض السياسات المتعلقة مثلا بالخصوصية أو بأهداف الاستثمار الداخلي أو كيفية استخدام البيانات والمعلومات الخاصة بالشركة أو غيرها. ومجموع هذه التوجهات تقود الى الحوكمة.
ولمزيد من التوضيح، نستعير هنا ما ورد في بعض البحوث الهادفة لتعريف الحوكمة حيث ورد فيها (…. وهناك من يخلط بين الحوكمة والحكومة، ومن حيث التمييز في هذا الخصوص، فان “الحوكمة” هي ما تقوم به “الحكومة” من أنشطة. وهي قد تكون حكومة حغرافية سياسية (دولة قومية)، أو شركات حكومية (تشكل كيان تجاري)، أو حكومة اجتماعية سياسية (قبيلة، أسرة، الخ)، أو أي عدد من أنواع مختلفة من الحكومات. لكن الحوكمة هي الممارسة الحركية لسلطة الإدارة والسياسة، بالرغم من أن الحكومة هي الأداة (بشكل إجمالي) التي تقوم بهذه الممارسة. كما يستخدم تجريديا مصطلح الحكومة كمرادف لمصطلح الحوكمة، كما هو في الشعار الكندي، “السلام والنطام والحكومة الجيدة”)، أي شعارنا تحقيق السلام وسيادة القانون والحوكمة الجيدة الرشيدة.
ان أصل كلمة الحوكمة مشتقة من الفعل اليوناني الذي يعني “توجيه”، وتاريخيا استخدم هذا المصطلح الفيلسوف أفلاطون لأول مرة بالمعنى المجازي وفيما بعد انتقل المصطلح إلى اللاتينية ومن ثم إلى لغات أخرى وجميعها تحمل نفس الدلالة. ولا نذهب بعيدا، ونقول أن الحوكمة منبثقة وموجودة في التعاليم الاسلامية التي تدعو للأمانة والمثالية وتحمل المسؤولية والقيادة السامية الصادقة، ونجد الحديث الشريف عن رسولنا (ص) “كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته”، وفي هذا قمة الادارة الرشيدة وكامل الحوكمة التي يتشدقون بها ليل نهار وهي من صلب الشريعة الاسلامية الغراء التي تدعو للأخلاق الفاضلة “ولا تفسدوا في الأرض” صدق الله العظيم. وكل مبادئ الشريعة السمحة تقوم على العبادات والمعاملات والأخلاق. والأمثلة في القرآن الكريم لا حصر لها.
ومن الناحية العملية، في الوقت الحاضر، قد تمارس عملية الحوكمة في أي منظمة أو شركة بغض النظر عن حجمها (من قبل إنسان واحد وصولا إلى البشرية جمعاء، وقد توظف الحوكمة لأي غرض كان، خيرا أو شرا، ومن أجل الربح أو غير الربح. والغرض المعقول للحوكمة ربما يهدف إلى التأكيد (أحيانا نيابة عن الآخرين) بأن المنظمة أو الشركة تنتج نمطا مجديا من النتائج الجيدة مع تجنب النمط غير المرغوب فيه في الظروف السيئة. وفي نفس السياق، قد تتكون الحوكمة الجيدة من مجموعة من مواقف مترابطة تمارس السلطة القسرية التي تؤكد ونيابة عن أولئك المحكومين، بوجود نمط من النتائج الجيدة مع تجنب النمط غير المرغوب فيه في الظروف السيئة، وذلك من خلال اتخاذ القرارات التي تحدد التوقعات، ومنح السلطة، والتحقق من الأداء.
والسياسة المتبعة في اي مكان، في الغالب، قد توفر الوسائل التي تمكن عملية الحوكمة من العمل. ونذكر على سبيل المثال، قد يختار الناس توقعات عن طريق النشاط السياسي، وقد يمنحون السلطة من خلال العمل السياسي، وقد يقيمون الأداء من خلال السلوك السياسي. وعندما ينظر للحوكمة من هذه الزاوية، يمكن للمرء أن يطبق هذا المفهوم على الدول والشركات العامة والمنظمات غير الهادفة للربح، والمنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، وعلى غيرها من الجمعيات، وعلى فرق العمل، وعلى أي عدد من البشر الذين يعملون في بعض الأنشطة الهادفة لتطوير الادارة والأداء تطبيقا للحوكمة. وعلى هذا النمط ، تطورت المفاهيم الحاكمة للحوكمة نظير الخبرات التى بدأت في التراكم مما أدى الى صقلها وتجميلها وكذلك تبسيط الأداء فيها للوصول للهدف. والأن الحوكمة موجودة في كل مكان وعلى كل لسان لأتها بعد أن كانت غاية أصبحت وسيلة للتطوير الاداري للشركات وعبرها المجتمعات، وكل ذلك عبر انتهاج الأسس السليمة للمكاشفة والافصاح والشفافية وتحمل المسؤولية والمسائلة.
وهكذا أصبحت مبادئ حوكمة الشركات من المتطلبات الضرورية لضمان حسن الاداء في الشركات، وهذه المبادئ تشكل اضافة نوعية للأحكام القانونية المصاغة بحنكة في قوانين الشركات ولوائحها التنفيذية.. وكل هذا التطور يهدف لتقديم الأفضل والأسلم لك ولنا جميعا ولكل المجتمع. وفي رأينا، من الضرورة بمكان أن تظل دائرة التطور مفتوحة تستقطب كل ما هو جديد ومفيد وذلك لأننا نهدف لارضاء طموح الانسان الذي نمثله ونتطلع اليه وهو بلا قيود وبلا حدود في البحث عن الامثل الأفضل.
المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمدير التنفيذي
ع \ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م
البحرين \ دبي