تضارب المصالح و المنافسة و تأثيرهما علي الشركة

Asia 728x90

تضارب المصالح و المنافسة و تأثيرهما علي الشركة

يقوم الأفراد بتأسيس الشركات لعدة أسباب من ضمنها عدم تحمل المسؤولية القانونية في شخصهم مباشرة وتحويل هذه المسؤولية للشركة “الشخصية القانونية” التي أنشأت، وعبر “الشركة” يتم التعامل مع الأفراد بصفة مؤسسية وليس شخصية. وهذا الوضع القانوني يجعل التعامل مع الشركة بالرغم من احتمال قصد التعامل من الشخص الذي أسس، أو ساهم مع غيره في تأسيس، هذه الشركة. من هذا الوضع، فان التعامل قد يرتبط بشخصين، أولهما الشخص الطبيعي “المخلوق من لحم ودم” وهو صاحب الشركة أو أحد مؤسسيها وثانيهما الشخص المعنوي أو القانوني المخلوق بقوة القانون وهو الشركة. وهناك تداخل بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي وبين تعاملنا معهما، وهذا التداخل أو الارتباط بهذين الشخصين، المختلفين، قد يستمر في عدة اتجاهات مما يتطلب قيام كل من الشخصين بواجبات تفرضها الأنظمة واللوائح ذات العلاقة.

وحتى تكتمل الصورة، مثلا، يجب علي الشخص الطبيعي القيام بتسجيل الشخص المعنوي “الشركة” لدي الجهات المختصة، دفع رأس المال، اختيار الاسم التجاري للشخص المعنوي وتسجيله والعمل علي حماية هذا الاسم التجاري وما يرتبط به من حقوق. وفي نفس الوقت، يجب علي الشخص المعنوي “الشركة” تنفيذ العقود المبرمة، الالتزام بمقابلة كل المسئوليات، الحرص علي تحقيق الأهداف التي أنشأ من أجلها لتحقيق مصالحه ومصالح الشخص الطبيعي صاحب الشركة. والتداخل في ما بين اختصاصاتهما أمر أساسي بل موجود كحقيقة واقعية ويستمر طيلة فترة بقاء الشركة.

مما تقدم يتضح وجود حالة ارتباط بين كل من الشخصين، الطبيعي والمعنوي، وعليهما تحقيق التوازن الأفضل أو التوازن المتكافئ في العلاقة المتداخلة بينهما ومراعاة فصلها وفق ما تنص عليه الأنظمة والممارسات المؤسسية السليمة. والحالات المتداخلة موجودة بين الشخص الطبيعي والشخص المعنوي، وهناك أدوار لكل منهما ويتم تنفيذها وكل دور هام ومكمل لدور

الطرف الآخر.

والأنظمة القانونية تسهب في توضيح صلاحيات أصحاب الشركة خاصة في شركات المساهمة العامة حيث يكثر أصحاب الشركة وتتغير تركيبة ملاك الأسهم من وقت لآخر. فصلاحيات أصحاب الأسهم تحددها الأنظمة والقوانين النافذة، وكذلك الأمر بالنسبة لصلاحيات رئيس وأعضاء مجلس الإدارة طيلة فترة تكليفهم من المساهمين. وكذلك فالأنظمة واللوائح الصادرة بموجبها تحدد صلاحيات الإدارة التنفيذية للشركة وكل من يعمل معهم.

في إيجاز فان كل ما يقوم به الشخص الطبيعي، في سياق عمله المرتبط بالشخص المعنوي، يتم قبوله من واقع أنه محدد في الأنظمة أو لا يخالفها وينسجم مع أهداف الشركة ويخدم تطلعات ملاك الشركة وكل أصحاب العلاقة. ولكن هذا العمل يجب أن يتم تحت مظلة مصلحة كل الأطراف في الشركة.

وهناك أشياء محددة يجب ألا يقوم بها الشخص الطبيعي لأنها محظورة، من أهمها تضارب المصالح ومنافسة الشركة. ومثل هذه الأعمال غير مقبولة علي الاطلاق لأن الأنظمة واللوائح تمنعها، وكذلك كل المبادئ الإدارية الحديثة التي تتحدث عن الإدارة وحوكمة الشركات تمنعها تماما. وفي اعتقادنا فان هذا يهدف لمنع الشخص الطبيعي، وهو قد يكون العقل المدبر للشخص المعنوي، من استغلال هذه العقلية لصالحه علي حساب الطرف الثاني الذي هو موجود بقوة القانون ولكن لا يستطيع أن يحرك ساكنا.

الأنظمة والممارسات الادارية السليمة والأعراف المستقرة، وغيرها، كلها تنادي بتجنب المصالح والابتعاد التام عن ذلك حتي تستمر العلاقة بين الأطراف وتسير في أمان وثقة وسلامة. وكل الأنظمة والقوانين تشترط صراحة علي كل شخص طبيعي لديه مصلحة مباشرة أو غير مباشرة عدم كتمان هذه المصلحة والإفصاح عنها من أول لحظة ووهلة، وبعد ذلك ترك الأمر للآخرين في الشركة لاتخاذ القرار الملائم بشأنه وشأنها.

ولهذا فان الكتمان وعدم الإفصاح بتضارب المصالح قد يقود إلي المساءلة القانونية للشخص الطبيعي المعني وعليه تحمل ما قد ينجم عن هذه المساءلة

القانونية وكل النتائج المترتبة عن ذلك… وهذا أيضا ينطبق علي المنافسة في الأعمال التجارية للشركة أو المشابهة لها لأن الشخص الطبيعي هنا لديه معلومات خاصة داخلية وسرية ربما يستغلها لمصلحته أيضا علي حساب الشخص المعنوي، ولذا فالمنافسة التجارية للشركة غير مقبولة بنص وروح القانون ما لم يتم الإفصاح عنها تماما وما لم تتم الموافقة صراحة بشأنها ووفق المعايير التي تحددها الأنظمة واللوائح الصادرة من الشركة وبما يتماشي مع القوانين السارية ذات العلاقة.

وهناك بعض الضوابط التي يتم التعامل بموجبها وفق كل حالة على حدة وفق المعطيات المتوفرة في ذلك الوقت. وقد تتم الموفقة في وقت معين وبحصل العكس في وقت آخر. نخلص من هذا الى ضرورة التعامل بأمانة مع كل حالة بعيدا عن الذات والشخصنة التي تضر بالأشخاص وتدمر المؤسسية. وليعمل كل شخص لشركته كما يعمل لنفسه بدون تضارب أو تمييز مع حفظ الحقوق لكل الأطراف. وعبر هذا تتوفر الحماية لكل الأطراف.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع \ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م

البحرين \ دبي