الرهن الضمان المصرفي القوي

الضمانات المصرفية عديدة والهدف منها تقديم “ضمان” للبنوك عند تقديم القروض والتسهيلات المالية. وهناك الضمانات الشخصية والمؤسسية والمشتركة ولكل شروطها وظروفها الخاصة. وكذلك نجد الرهن من ضمن الضمانات المصرفية، وهذا الضمان له قوته ويستخدم على نطاق واسع بسبب هذه القوة. وقانونا، الرهن عبارة عن “عقد” يلتزم به ويقدمه شخص ضماناً لدين تجاري عليه أو على غيره. والالتزام يتمثل في تسليم مال إلى الدائن أو إلى آخر ويخوله حبس هذا المال المرهون إلى أن يستوفي حقه تماما. ويجب أن يكون الراهن مالكا للمال المرهون، ولا يتم الرهن ولا يكتمل إلا بتسليم المال أو السند المرهون. ويترتب على هذا العقد عدة آثار قانونية أهمها للمدين، وجود المال المرهون ونقل حيازته إلى الدائن أو إلى آخر لحفظه إلى يوم استيفاء الحق. واهمها للدائن حق حبس المال وحق التقدم على غيره من الدائنين العاديين وتتبع المرهون في أية يد ينتقل إليها.

Asia 728x90

كقاعدة عامة، معظم أنواع الرهن تتم بالتراضي بين أطراف العقد مع استثناء بعض الرهون من هذه القاعدة بموجب القانون. وعقد الرهن يشمل معظم الأموال المنقولة كرهن الاوراق التجارية والأسهم وغيرها. والرهن بالنسبة للسندات القابلة للتحويل يتم اثباته عن طريق “التظهير”، أما رهن الأسهم وحصص الشركاء التي تنقل في دفاتر الشركة، يتم اثباته عن طريق “عقد رسمي” ويقيد في الدفاتر المعنية. ويجوز رهن الأوراق التجارية، كالكمبيالة “السفتجة” والسند لأمر(مع استثناء الشيك لأنه أداة وفاء لا أداة ائتمان وفي الغالب لا يرهن). ويجوز رهن الكمبيالة والسند لأمر، لأن هذه الأوراق التجارية  ذات مدة طويلة تتيح رهنها. ويتم الرهن عن طريق “التظهير” وبما يفهم منه أنها لدى الحامل بصفة “رهن”. وكل الأسهم والحصص الإسمية والمسجل فيها اسم صاحبها يتم رهنها. وبالنسبة للأسهم وحصص الشركاء في دفاتر الشركة يجب أن يثبت الرهن بعقد رسمي. وأن تقيد هذه العملية على سبيل الضمان في الدفاتر. وينبغي أن يتحقق الدائن المرتهن بنفسه من الشركة والأسهم، ويجب مراعاة تسجيل العقد الرسمي في دفاتر الشركة بما يفيد أنها مرهونة. وفي ما يتعلق بالأسهم والحصص لحاملها ولا تحمل اسم صاحبها، فينتقل الحق بموجبها عن طريق المناولة اليدوية لأن الحق في الأسهم حقاً شخصيا، وهي ترهن بنفس طريقة رهن الأموال المنقولة. واللجوء لهذا النوع من الرهن، قد يكون الأمثل بل المتوفر. 

          اضافة لهذا نجد الرهن الحيازي ويسمي أيضا “الرهن التجاري”، وهو يتمثل في الرهن الحيازي للأدوات والمعدات، والرهن للمحل التجاري. ويشمل الرهن الحيازي للأدوات والمعدات، الآلات والأثاث ومعدات التجهيز والبضائع ويجب قبل القيام بالإجراءات القانونية التأكد من سلامة المعدات والتجهيزات وأن البضاعة المرهونة غير قابلة للتلف وأن لا تكون قيمتها ثابتة ومستقرة. وتتم الموافقة على الرهن الحيازي بواسطة عقد يسجل ويقيد، ويجب أن تتم إجراءات القيد خلال مدة محددة وإذا لم يحترم هذا الأجل يتعرض العقد للبطلان. ولا يجوز للمدين أن يبيع الأشياء المرتهنة قبل تسديد الديون المستحقة عليه إلا بعد موافقة الدائن المرتهن. وإذا استعصى ذلك يمكن للمدين أن يطلب من للمحكمة الفصل، وإذا خالف ذلك يتعرض للعقوبات القانونية. وبصفة عامة في حالة الرهن الحيازي يجوز للبنك إذا لم يستوف حقوقه أن يطلب من القاضي الترخيص له بيع الأشياء المرهونة في المزاد العلني أو بسعر السوق إذا اقتضى الحال. ويجوز أيضا أن يطلب من القاضي أن يأمر بتمليكه هذه الأشياء المرهونة وفاء للدين على أن يحسب بيعه بقيمته حسب تقدير الخبراء. ويمكن للبنوك أن تتقدم للمحكمة بعد إنذار المدين بطلب لبيع المال المرهون وتخصيص ثمن البيع لتسديد كامل الدين وفوائد التأخير. وبالنسبة للرهن الحيازي للمحل التجاري، فالمحل التجاري يتكون من عدة عناصر مثل عنوان المحل التجاري والاسم التجاري والحق في الإجارة والزبائن والشهرة التجارية والأثاث التجاري والمعدات والآلات وبراءات الاختراع والرخص والعلامات التجارية والرسوم و النماذج الصناعية وغيره. ولكن إذا لم يشمل عقد الرهن الحيازي للمحل التجاري وبشكل دقيق وصريح أي العناصر التي تكون محلاً للرهن فإنه في هذه الحالة لا يكون شاملاً إلا عنوان المحل والاسم التجاري والحق في الإجارة والزبائن والشهرة التجارية. وبصفة عامة، هناك مشاكل عملية تصاحب هذا الرهن اذا لم تتم متابعته بشكل دقيق وبحرص تام وفي حالات عديدة لا توجد البضائع والآدوات وتختفي تماما. ولكن ، قد يكون هو المتوفر والملجأ الوحيد بالنسبة للعديد من الشركات.

          وضمان الرهن يشمل “الرهن العقاري”، وهو عبارة عن عقد يكتسب بموجبه الدائن حقا عينيا على عقار للوفاء بدينه ويمكن له بمقتضاه أن يستوفي دينه من ثمن ذلك العقار في أي يد كان ومتقدما في ذلك على الدائنين التاليين له في المرتبة. وفي الحقيقة لا يتم الرهن إلا على العقار الذي يستوفي بعض الشروط التي تعطي للرهن مضمونه الحقيقي. وعليه، فالعقار ينبغي أن يكون صالحا للتعامل وقابلا للبيع في المزاد العلني كما يجب أن يكون معيناً بدقة من حيث طبيعته وموقعه وذلك في عقد الرهن، وما لم تتوفر هذه الشروط فإن الرهن يكون باطلاً. ولا يمكن في الواقع أن ينشأ الرهن العقاري إلا بثلاث طرق، وهي الرهن الناشئ بعقد رسمي أو رهن الاتفاق ويأتي هذا الرهن تبعاً لإرادة التعاقد بين الأطراف المعنية التي تملك القدرة أو الحق في التصرف في هذه العقارات. والرهن الناشئ بمقتضى القانون وهو ينشأ تبعا لأحكام قانونية، وتبعاً لأمر من القاضي. ويمكن إنشاء الرهن العقاري لضمان كافة أنواع القروض. وإذا كان العقار ملكا للمدين، وحل استحقاق الدين ولم يقم المدين بالتسديد فإنه يمكن للدائن وبعد تنبيه المدين بضرورة الوفاء بالديون المستحقة عليه أن يطلب بيعه وفقا للأشكال والإجراءات القانونية. وفي بعض الدول، يتم تسجيل عقد الرهن وهو مختوم “بصيغة التنفيذ” حيث يتم اللجوء للتنفيذ مباشرة عند الحاجة، وتجاوز الدخول في تفاصيل التقاضي الطويلة.

الرهن بأشكاله المتعددة، ومنها المذكور أعلاه، يمثل ضمانا مصرفيا هاما. وفي نفس الوقت فانه يعتبر صمام أمان للبنوك، يجعلها في وضع آمن ومطمئن وهي تقدم القروض والتسهيلات المالية للزبائن في مقابل هذه الضمانات الضامنة. ويجوز استخدام حالات عديدة من الرهن لضمان قرض واحد، وفي هذا ضمان أكبر وأشمل. يتناول القانون، التفاصيل الخاصة بكل نوع من الأنواع ورغبة الأطراف تحدد النوع أو الأنواع المتفق عليها لتكون الرهن الضامن. وننصح الأطراف، بتوخي الحذر عند اعداد اتفاق الرهن وضرورة وضع الصياغة القانونية السليمة والبعيدة عن الغموض وصعوبة التفسير عند التطبيق لتجاوز المخاطر القانونية والمصرفية.

المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمدير التنفيذي

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م البحرين \ دبي