الخدمات المصرفية أصبحت من ضروريات الحياة، بل تعتبر من الحقوق الاقتصادية التي يجب توفيرها لكل شخص من ضمن الحقوق الأساسية. وذلك، لتحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية والمجتمعية وأيضا لمنح الاستقلال الشخصي. اهتم البنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي الأوربي ومجموعة دول العشرين وغيرها بالأمر وطالبت بأهمية تشجيع الخدمات المصرفية المالية لتعم الفائدة الاقتصادية. الخدمات المصرفية لا بد أن تشمل الجميع، بمنح المزيد من الاهتمام لقطاعات المجتمع للمشاركة في الحصول علي الحد الأدنى من الخدمات المصرفية لكل فرد. وفي هذا المنحى، لا بد من تقديم عناية خاصة للفئات الفقيرة والمؤسسات الصغيرة والمتناهية الصغر.
وهذا التوجه، لا بد منه، لأن اشراك الجميع سيحقق فوائد لكل قطاعات المجتمع. تبين من الدراسات، أن نسبة كبيرة جدا من الأفراد، خاصة في المجتمعات الفقيرة، لا تحصل علي الخدمات المصرفية أو لا تتعامل بتاتا عبر البنوك. وهذه النسبة الكبيرة من الأفراد التي لا تتعامل مع البنوك، تعتبر خارج نطاق النشاط المصرفي. وفي هذا، أضرار اقتصادية، لأن فتح الحسابات المصرفية ووضع الأموال فيها والتعامل عبرها سيمكن القطاع المصرفي من تجميع الأموال وتدويرها بعناية لتحريك التجارة والتنمية والاستثمارات.
هذه الحركة الدائرية الدؤوبة للأموال يستفيد منها جميع الأطراف خاصة وأنها تدار وفق الأنظمة القانونية والممارسات المصرفية المتبعة وبما يضمن حقوق الأطراف في تناغم مهني قانوني. ونلاحظ أن بعض البنوك متخمة بالأموال، لدرجة التشبع، في الدول التي يكون فيها وعيا بضرورة وضع الأموال في البنوك والتعامل بالشيكات وبطاقات الائتمان والدفع الآلي وغيرها. وهذه البنوك المتخمة تكون مليئة وتتمتع بملاءة مالية قوية وعالية تمكنها من تلبية القروض الكبيرة وتقديم التسهيلات لقيام المشاريع العملاقة والعمران في كل الأطراف.
وبالطبع فان العكس يحدث عندما يقل أو ينعدم التعامل مع البنوك التي تصبح خاوية الوفاض وتكون قليلة الحيلة ولا تملك ما تقدمه. ولذا لا بد من التحرك الفاعل لتصحيح الأوضاع. ولا بد من القول، أنه توجد مسؤولية مباشرة علي الدول والمجتمع، وكذلك توجد مسؤولية مهنية علي كل القائمين بأمر الصناعة المصرفية. ولأهمية الأمر، يجب تحمل هذه المسؤولية والتصدي لها لتأخذ مسارها الصحيح لتحقيق الهدف المنشود. وعلي الدولة وضع خطط قصيرة وطويلة المدي، وهذا يتمثل في وضع اللوائح والضوابط التي تحفز التعامل مع البنوك بل والعمل قدر المستطاع علي حصر كل التعاملات المالية عبر منافذها.
وهذا يتمثل في العمل الجاد لوضع الضوابط لتحويل المرتبات والمعاشات للبنوك وبهذا يكون لكل عامل أو مؤسسة حساب مصرفي، وكذلك تقديم الدفعيات المالية للمشروعات عبر البنوك فقط. وعلي أصحاب الشركات بكافة أحجامها تشجيع أفرادها للتعامل عبر البنوك وتمرير المعاملات المالية عبر الحسابات المصرفية فقط. وهكذا نخلق واقعا جديدا ونمهد لثقافة التعامل مع البنوك وكسر حواجز التعامل معها. وأذكر ان أحد وزراء مالية بريطانيا طالب بفرض ضريبة علي كل الدفعيات التي تتم نقدا “كاش”، ومهما كان حجمها، خارج منظومة المصارف. وفي هذا الخصوص، علي البنوك تقديم التسهيلات لأقصي درجة لتمكين الجميع من فتح الحسابات المصرفية بشتي أنواعها.. وكذلك تقديم الاغراءات لفتح الحسابات، والحرص علي التوفير لجني الفوائد التي تقدمها البنوك لأصحاب الحسابات المصرفية والودائع.
ان تجميع الأموال في يد البنوك له فوائد عديدة علي المجتمع وسيرجع في مشاريع “مساهمة التنمية الاجتماعية” التي تقدمها البنوك للمجتمع الذي ساهم في تحقيق الأرباح. التعامل مع البنوك الآن لم يعد ترفا خاصا وانما أصبح ضرورة. وفي عالم التقنية نجد في يد كل شخص في المدن والقري جهاز تلفون. لاستعماله في تحويل “رصيد”، وهذا الاجراء من الناحية الفنية المحضة يعتبر عملا مصرفيا، لأن هناك طرفا يحول رصيد أموال لطرف آخر. وعلي البنوك الاستفادة من هذا الوضع السائد وتقديم خدماتها عبر التلفون الموجود في كل يد. هناك دول كثيرة استفادت من توسيع المعاملات عبر التلفون. ولاحظت مثال جيد عند زيارتي لبنغلاديش، لأن التعامل المصرفي عبر التلفون جعل الأموال الموجودة في البلد في حالة دوران لا تتوقف وهذا ما نسعي لتحقيقه عبر الخدمات المصرفية المتكامله.
د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والرئيس التنفيذي
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
البحرين \ دبي