تداولت الأخبار العالمية المنتشرة بسبب جائحة كورونا، قصة حالة الاصابة رقم (31) في كوريا الجنوبية. والمصابة، شابة ظهرت عليها أعراض الإصابة بفيروس «كورونا» ولكنها لم تلتزم ولم تتبع التعليمات الصادرة من السلطات الكورية بالحجر الصحي عند ظهور الاصابة والبقاء منعزلة بعيدا أو “اقعد بالبيت”. وظلت هذه الشابة تمارس حياتها بشكل طبيعي جدا حيث ذهبت إلى الكنيسة وأيضا ذهبت للأكل في مطعم بوفيه مفتوح به أعداد من الرواد وتسوقت وتجولت وسافرت. وبهذه التصرفات، كما تقول الجهات الرسمية، عرضت حياة أكثر من تسعة ألف شخص للإصابة بهذا الفيروس المتشبث للانقضاض وزهق الأرواح. ولقد تبين في ما بعد أن أكثر من ألف حالة من المخالطين لهذه الشابة انتقل لهم المرض. وهكذا، شخص واحد مصاب “مستهتر” قد يتسبب في نقل المرض للمئات ثم للآلاف وهكذا تدور الدائرة ما لم تكسر الحلقة.
وهذا الفيروس اللعين غير المرئي ينتشر بسهولة وسرعة فائقة، ويضرب ويقتل دون اكتراث أو رحمة. وقد لا يعلم البعض، أن هناك قوانين صدرت منذ سنين وشرعت خصيصا ضد الأوبئة والأمراض وغيرها من الظواهر الطبيعية القاتلة. وبعض هذه القوانين به جداول للأوبئة والأمراض الخطيرة ويجب اضافة كورونافيروس على رأس هذه القوائم في أسرع وقت خاصة وأن به مميزات مؤثرة سلبا على الحركة التجارية والاقتصادية والاجتماعية والشخصية. والآن، للحد من انتشار الفيروس وسيطرته على كل مكان ومن فيه من البشر، نعود للقوانين والضوابط والتعليمات الوقائية وننفض عنها الغبار. وانطلاقا من هذا التوجه وتنفيذا له، تأتي تعليمات السلطات الحكومية والجهات المختصة بضرورة التباعد الاجتماعي، وفرض القيود على حركة الناس داخليا وخارجيا، ومنع السفر الا للضرورة القصوى، ولبس الكمامات والجوارب، وإغلاق أماكن التجمعات والعمل والترفيه وغيره حتي المساجد ودور العبادة. وكل هذه الاجراءات القانونية يقصد منها التحوط من الوباء وعزله تماما والعمل على حماية الأفراد والمجتمعات وكل البلدان لأن الفيروس لا يعرف الحدود أو القيود ويدخل دون تأشيرة مرور ثم يحتل المكان والزمان. وانتشار الفيروس ضرب الاقتصاد في مقتل حيث أغلقت المصانع والمتاجر والفنادق وتوقفت عجلة الانتاج وأفرغت خزائن الدول من الأموال، وغيره من الآثار الضارة القاتلة التي لا تحصى.
ولكن، وبالرغم من كل هذه الاجراءات القانونية الاحترازية، نجد من لا يهتم بأمر نفسه وأسرته ومجتمعه ويستهتر بهذه التعليمات الصريحة بالرغم من أهميتها القصوى لحماية الجميع. ونجد الكثير من البشر ممن يمارسون حياتهم بشكل طبيعي دون اكتراث، ضاربين بالتعليمات عرض الحائط، وعدم مراعاة مصلحة المجتمع والبلد والانسانية جمعاء. والشابة الكورية المشار لها أعلاه، وغيرها في أماكن أخري عديدة يشكلون خير مثال لقنابل موقوتة لقتل العالم بدم بارد. وهذا قمة الاجرام، لأنه يشكل خطرا داهما على الجميع وهم لا يشعرون أو يشعرون، بكل حسرة، بعد فوات الأوان.
من دون شك، فان التعامل مع هؤلاء الغرباء الشواذ من المجرمين الجدد، يجب أن يتم عبر تفعيل سلطة القانون بكل قوة وحزم، لمنعهم بل ردعهم من ممارسة مثل هذه التصرفات ليكونوا عبرة لغيرهم في المكان وكل البلدان. إن انضباط المجتمع واتباعه للتعليمات وتنفيذ القانون، سيؤدي لهزيمة وموت الفيروس وبالتالي انخفاض أعداد المصابين به للصفر. وهذا ما تم وبجدارة تامة في الصين، بؤرة البداية، حيث تم التطبيق الصارم المحكم والالتزام الكامل بنص وروح القانون. والعكس هو الصحيح، في بلدان أخري كما شاهدنا، في أمريكا وايطاليا وفرنسا وبريطانيا وغيرهم حيث تجاوزت أعداد الوفيات في هذه البلدان وفيات الصين. وهذا حدث، لأن هذه البلدان تركت للمجتمع حرية التصرف، ولم تفعل قوانين الطوارئ والدفاع للسيطرة على انتشار الفيروس الا بعد حين وبدرجات متفاوتة. واستمعت لرئيس وزراء ايطاليا وهو يقول لم نتدخل في البداية للحد من حرية الناس لأن الدستور يمنح هذا الحق في البلدان الديمقراطية. ولكن هل تحمينا المبادئ الدستورية ونحن نتفرج على تساقط الجثث ؟ المهم، لاحقا أدركوا خطورة الموقف كأمر واقع لا محال وتم التدخل للحد من حركة الناس. ومن الضروري، تعديل القوانين وحتي الدساتير للتحرك السريع لمقابلة الأحداث والموجات الطارئة.
ما حدث ويحدث الآن في العالم المضطرب بسبب الفيروس، يوضح بجلاء أهمية اعداد التشريعات الملائمة الضرورية للحياة مع المتابعة اللصيقة لتنفيذ القانون والانصياع لتعليماته من الجميع، لأن القانون قطعا سينجح اذا تم استخدامه بكفاءة ضد الكورونا أو توابعها. وأسأل الصين..
د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمدير التنفيذي
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
البحرين \ دبي