قوانين التجارة في المنطقة متشابهة لدرجة كبيرة جدا، والغرض منها تنظيم ومراقبة العمليات التجارية من بيع وشراء وفق أحكام قانونية ثابتة يسير على هديها التاجر والمستهلك وكل العمل التجاري برمته. ومن الأمور التي وجدت العناية القانونية، موضوع “البيانات التجارية”. ولأهمية التعريف، فان البيانات التجارية هي أي “بيان” يتعلق بصورة مباشرة أو غير مباشرة لتوضيح مقدار البضائع أو عددها أو مقاسها أو كيلها أو وزنها “…..الكيل والميزان” أو طاقتها “الجهد الكهربائي”. وكذلك تشمل أشياء غير مادية مثل، توضيح الجهة أو البلاد التي صنعت فيها البضائع أو أنتجت وطريقة صنعها أو انتاجها، والعناصر الداخلة في تركيبها، واسم أو صفات المنتج أو الصانع. كما تشمل أيضا، وجود براءات الاختراع أو غيرها من حقوق الملكية الصناعية أو أية امتيازات أو جوائز أو مميزات تجارية أو صناعية، اضافة للاسم أو الشكل الذي تعرف به بعض البضائع أو تقوم “التقييم” عادة.
كل هذه الأمور، يجب على التاجر مراعاتها، لأنها تعتبر من البيانات التجارية التي تعرف البضائع التي يتعامل بها التاجر وذلك حتي تكون معلومة لأطراف التعامل، لأن طريقة صناعة الجبن الفرنسي تختلف عن الطريقة الهولندية، وطريقة انتاج الشوكولاتة السويسرية والعناصر الداخلة في تركيبها تختلف عن الشوكولاتة البلجيكية وغيرها ولذا لزم التوضيح لدرجة العلم النافي للجهالة. ولقد نشأت خلافات قانونية حادة حول هذه البيانات لأن بعض البضائع والمنتجات تمثل “اللحمة” والحس والنزعة الوطنية العارمة. اضافة الي أن تعريف البيانات التجارية يتم من خلاله معرفة البضائع القانونية التي يجوز التعامل بها وغير القانونية التي لا يحوز التعامل فيها. مع مراعاة الحفاظ على حقوق الملكية وبراءات الاختراع والأسماء التجارية وكل ما يرتبط بها وفق القوانين والمواثيق الدولية.
كما هو معلوم، فان بيع وشراء البضاعة قد يكون ب “القطعة” أو “الوزن” أو “القياس” أو “العينة” أو “الكمية” أو “الوصف” وغيره. ومن أجل هذا، يجب أن تكون البيانات التجارية مطابقة للحقيقة من جميع الوجوه، سواء كانت موضوعة “مكتوبة” على المنتجات نفسها أو على المحال أو المخازن أو على عناوينها أو على الأغلفة أو القوائم أو الرسائل أو وسائل الاعلان أو غير ذلك مما يستعمل في عرض البضاعة على الجمهور والمستهلك لجذب انتباهه.
ومن الشروط القانونية، عدم جواز وضع اسم البائع أو عنوانه على منتجات واردة من بلاد غير التي يحصل فيها البيع، ما لم يكن مقترنا ببيان دقيق مكتوب بحروف ظاهرة عن البلاد أو الجهة التي صنعت أو أنتجت فيها “صنع في اسرائيل” مثلا. ولا يجوز للأشخاص المقيمين في جهة ذات شهرة في انتاج بعض المنتجات أو صنعها، الذين يتجرون في منتجات متشابهة واردة من جهات اخرى، أن يضعوا عليها علاماتهم اذا كانت من شانها أن تضلل الجمهور فيما يتعلق بمصدر تلك المنتجات، حتى لو كانت العلامات لا تشتمل على أسماء هؤلاء الأشخاص أو عناوينهم، ما لم تتخذ التدابير الكفيلة بمنع اي لبس، وكما نعلم، فان الشركات الكبيرة ترسل موظفيها لمراقبة الأسواق ولحماية منتجاتها وهناك منازعات قضائية مشتعلة.
ومن الشروط القانونية، أنه لا يجوز للصانع أن يستعمل اسم الجهة التي يوجد له فيها مصنع رئيسي فيما يصنع لحسابه من منتجات في جهة أخرى، ما لم يقترن هذا الاسم ببيان الجهة الأخيرة على وجه يمتنع معه كل لبس. ولا يجوز ذكر جوائز أو ميداليات أو دبلومات أو درجات فخرية من أي نوع كان الا بالنسبة الى المنتجات التي تنطبق عليها هذه المميزات، وبالنسبة الى الاشخاص والعناوين التجارية التي منحت لهم أو الى من آلت اليهم حقوقها، على أن يشتمل ذلك على بيان صحيح بتاريخها ونوعها والمعارض أو المباريات التي منحت فيها. ولا يجوز لمن اشترك مع أخرين في عرض منتجات أن يستعمل لمنتجاته الخاصة المميزات التي منحت للمعروضات المشتركة، ما لم يبين بطريقة واضحة مصدر تلك المميزات ونوعها. اضافة الي أنه، اذا كان مقدار المنتجات أو مقاسها أو كيلها أو طاقتها أو وزنها أو مصدرها أو العناصر الداخلة في تركيبها من العوامل التي لها دخل في تقدير قيمتها، جاز بقرار منع استيراد تلك المنتجات أو بيعها أو عرضها للبيع ما لم تحمل بيانا أو أكثر من هذه البيانات. ويحدد القرار الكيفية التي توضع بها البيانات على المنتجات والاجراءات التي يستعاض عنها بها عند عدم امكان ذلك، على ان تكتب هذه البيانات باللغة العربية لأنها اللغة القانونية.
الضوابط القانونية الخاصة بالبيانات التجارية، متعددة وهامة. وقانونا يجب مراعاتها والالتزام بها، وننصح التاجر باستيعاب مضمونها والحرص علي التطبيق السليم والممارسة التجارية الأمينة خاصة وأن هناك عقوبات جزائية لكل من يخالف وبسوء نية الأحكام القانونية الخاصة بالبيانات التجارية. ونناشد المستهلك وجمعيات المجتمع المدني وحماية حقوق المستهلك الحرص والمراقبة الذاتية للامتثال بالقانون. وللجميع مسؤولية لتحقيق أفضل وأنجع الممارسات التجارية، وعلينا الاستفادة من القاعدة القانونية الرومانية القديمة “نيمو دات روول”، ليأخذ البائع (والمشتري) حذره. وقبل ذلك علينا الاقتداء بسيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو القائل “رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى….”، وليس هناك أفضل من هذا التوجيه النبوي..
د. عبد القادر ورسمه غالب
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
المنامة – المنطقة الدبلوماسية – برج الدبلومات