في الآونة الأخيرة كثرت دعاوي الافلاس حتي وسط الشركات والبيوتات العريقة والمعروفة للجميع. وموضوع الافلاس يحتاج للدراسة المتأنية لمعرفة الأسباب والمبررات، وأيضا للاستفادة من تجارب وهفوات الآخرين. ان افلاس الشركات يسبب مضايقات عديدة لعدة جهات على رأسها الشركة نفسها والعاملين فيها وأصحاب المصالح المرتبطة. وبالرغم من تطور القانون في ما يتعلق بأمور الافلاس وطرح العديد من المعالجات لتدارك الأوضاع، الا ان الافلاس عندما يأتي قد يأكل الأخضر واليابس ويسبب أضرارا جسيمة لا حصر لها.
قبل أيام تفاجأ العالم عندما أعلنت شركة السفر والسياحة البريطانية “توماس كوك”، المصنفة من أقدم شركات السفر والسياحة في العالم، انهيارها وإفلاسها. هذا تم ويا حسرة، بعد محاولات عديدة وجادة لإنقاذ الشركة من ديون ومتأخرات مستحقة عليها من عدة بنوك وجهات أخري. وفي بيان صريح، قالت الشركة ان عدة محاولات جرت بين مساهمي الشركة ومجموعة ممولين لإنقاذها نت الاتهيار، إلا أنه كان لا بد من إشهار إفلاس الشركة بسبب تعثر الوصول لنتائج مرضية لجميع الأطراف المعنية وربما تعنت بعضهم وعدم تعاطفهم مع الشركة وظروفها.
وفي بيان الشركة الذي أحدث دويا كبيرا في صناعة السياحة والطيران والعطلات، ذكرت أنها قررت الإعلان عن تصفية إلزامية اجبارية يبدأ تنفيذها على الفور وفق القانون، باعتبار أن هذا يعتبر من أفضل الحلول المطروحة على المساهمين. وورد في الأخبار، أن مساهمين وممولين عقدوا اجتماعا، لتوفير تمويل في حدود 250 مليون دولار لإنقاذ الشركة من التعثر، ولكن دون فائدة تذكر. مع العلم أن شركة “توماس كوك” العريقة طلبت اجراءات إنقاذ مالي من الحكومة البريطانية دون التوصل إلى اتفاق بين الطرفين. ونستغرب لهذا التصرف لأنه، وفي حالات عديدة مشايهة، تتدخل الحكومات لانقاذ شركاتها ذات الشهرة العميقة لأنها تمثل جزءا من تراث وثروات البلد.
شركة السفر العالمية “توماس كوك” تأسست عام 1841 وتتجاوز مبيعاتها السنوية المليارات من الدولارات لأنها تقدم الخدمات لملايين العملاء من كل اأرجاء لعالم. وهذا الافلاس “يزيد الطين بلة” لأنه يأتي في وقت تشهد فيه شركات الطيران العالمية العديد من التحديات المالية بسبب ازدياد المنافسة بين الشركات، وارتفاع أسعار الوقود، إضافة لأسباب أخري لها علاقة بتذبذبات أسعار الصرف. ولكل هذا آثار ضارة جدا علي حركة السياحة العالمية التي تعتمد عليها الكثير من البلدان لدعم مراكزها المالية وزيادة الدخل وتحريك العمالة وغيره.
وبسبب التطورات الخاصة بالافلاس، طلبت الشركة تعليق أسهمها من الإدراج والتداول في بورصة لندن على الفور، وهذا اجراء قانوني سليم لحماية المستثمرين في الأسواق المالية والبورصات ولتجنب انتقال العدوي للآخرين المحتملين وحماية أموالهم من الضياع. وقال الرئيس التنفيذي إن الشركة عملت لحل المشكلات العالقة لتأمين مستقبل الشركة الا ان الأمور ساءت، وأنه يتأسف لهذا ويقدم الاعتذار للعملاء والموظفين والموردين والشركاء الذين ساعدوا لشركة منذ سنوات عديدة. والافلاس سيطوي كل التاريخ الناصع لهذه الشركة التي جابت كل أطراف العالم في خدمة السياحة والسفر وساهمت في ربط كل العالم مع بعض في مشاعر جميلة وعطلات لا تنسي. ولتتعظ الشركات الأخري من هذه الحالة حتي لا تجد نفسها أمامها دون استعداد.
د. عبد القادر ورسمه غالب
االمؤسس والرئيس التنفيذي
ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات
البحرين \ دبي