الخميس 2 مارس 2023
يتم الترخيص للبنوك بعد استيفاء متطلبات عديدة وضرورية لضمان كفاءد وسلامة العمل في البنوك لتتمكن من خدمة الاقتصاد والزبائن، وكذلك من أجل منح الحماية الكافية لأموال المودعين والمستثمرين الذين يضعون أموالهم لديها، وهم مرتاحي البال، وكل هذا يساعد في تحقيق سياسة الشمول المالي. وللتأكد من تحقيق هذه المقاصد الأساسية وتوفرها بشكل دائم فان الجهات الرقابية المختصة تقوم بالفحص والتقييم الشامل لكل ما يتعلق بالبنوك، وعبر هذا وغيره من الوسائل الفنية الأخرى، يتم تصنيف البنوك بغرض تحديد وضعها وتقييمها التقييم الفني الملائم. وكشف الحساب النهائي لكل بنك يكون خير دليل واثبات واضح للعيان.
ان النظم المتبعة لتقييم البنوك بواسطة الجهات الرقابية كالبنوك المركزية وغيرها، من دون شك، أثبتت أنها احدي الأدوات الفعالة لتقييم مدي قوة ومتانة البنوك وهل لديها “العافية” والقوة الكافية للاستمرار أو أنها تحتاج لتقديم “العلاج الداعم” ونوع ومدي هذا العلاج ومدة تطبيقه…الخ. وفي هذا الخصوص، فان نظام التقييم للبنوك يجب أن يراعي العديد من العوامل الهامة منها المالية والادارية والتنظيمية شاملة الأمور القانونية والمؤسسية. وفي هذا، على الجهات الرقابية العمل على تقييم كل البنوك في البلد تقييما موحدا ينطبق علي الجميع بنفس الدرجة، مع اعطاء المزيد من الاهتمام للبنوك الضعيفة سواء من النواحي المالية أو تلك العملية والتنظيمية. ومن هذا التقييم “الموحد” يتم الوصول للتصنيف الملائم لكل بنك علي حدة وهل يحتاج لأي متابعة ولماذا؟ وما نوعها؟ وكل هذا يدل علي وجود سلطة رقابية ذات كفاءة مهنية مما يساعد بدوره في توفير الثقة في القطاع المصرفي والاطمئنان في التعامل معه. وهذا بالطبع ينعكس بالخير على كل الوضع الاقتصادي في البلد.
ان هذا التقييم “الموحد” المرتبط بالبنوك، يشمل تصنيف ستة عناصر رئيسية في البنك وهي بالتحديد تشمل كفاية رأس المال، الموجودات، الايرادات، الادارة، السيولة وادارة المخاطر بكل أنواعها. والتصنيف يكون من الرقم (1) الي الرقم (5). والرقم (1) يشير للتصنيف الأعلى ومنه يتضح أن البنك “قوي” ولا يحتاج لاهتمام السلطات الرقابية نظرا لأن أداء البنك متميز وتوجد ادارة جيدة للمخاطر. وبالتالي فان الرقم (5) يعني التصنيف الأقل وذلك لوجود ضعف في أداء البنك وفي ادارته للمخاطر مما يعني أنه “ضعيف” ويحتاج الي عناية فائقة من السلطات الرقابية حتي لا يهلك وينهار. ويجب تنبيه مجلس الادارة مع الادارة التنفيذية للبنك لاتخاذ كل الحذر والعمل علي اتخاذ كل الاجراءات الضرورية لرفع شأن البنك وطاقته. ومن دون شك، فان تقييم وضع الادارة في البنك ومدي تفهمها للوضع ومدي اهتمامها والتشمير عن سواعدها لتحسين الوضع سيساعد كثيرا في الوصول بالبنك لبر الأمان. ولا بد من القول أن دور الادارة هام وله أثر كبير ويجب منح هذا الدور كل العناية عند التصنيف.
ولتوضيح درجات التقييم، فان الرقم (1) عبارة عن تصنيف “قوي – سترونق”، والرقم (2) عبارة عن تصنيف “مرضي – ساتسفاكتوري”، والرقم (3) عبارة عن تصنيف “متوسط – فير”، والرقم (4) عبارة عن تصنيف “حدي – مارجينال”، والرقم (5) عبارة عن تصنيف “غير مرضي – أن ساتسفاكتوري”.
والتصنيف 1 “قوي” دائما يمنح للبنك الذي يتصف بالمتانة والقوة من جميع النواحي التي تمكنه من مقابلة كل المتطلبات مع الالتزام التام بالقوانين والأنظمة اضافة الي عدم وجود أي نقطة ضعف مع السبطرة على المخاطر. والتصنيف 2 “مرضي” يكون للبنوك التي في الأساس متينة ولكنها تعاني من مشاكل طفيفة تقع ضمن سيطرة مجلس الادارة والادارة التنفيذية، وهي قادرة ولها الامكانيات التي تمنكها من التعامل مع التقلبات والالتزام بالقوانين والأنظمة. وفي الغالب، يكون تدخل السلطات الرقابية في عمل هذه البنوك لدرجة محدودة جدا. والتصنيف 3 “متوسط” يشكل قلقا للسلطات الرقابية نظرا لوجود ضعف قد يصل لدرجة حادة في بعض مكونات التصنيف، وغالبا تكون الادارة غير قادرة على التعامل معها بجدية مع ظروف العمل السائدة، وأن الادارة غير متقيدة لدرجة كافية بالقوانين والأنظمة. والتصنيف 4 “حدي” يشير الي أن البنوك تحتاج متابعة شديدة ورقابة قوية من السلطات الرقابية لأنها تعاني من ممارسات غير سليمة ومحفوفة بالمخاطر ولديها مشاكل ادارية ومالية خطيرة وعالية المخاطر وكذلك عدم الالتزام بتطبيق القانون والنظم. وفي مثل هذه الحالات يتم الزام البنوك المعنية باتخاذ اجراءات اجبارية فورية لتصحيح الأوضاع لأن الانهيار يبدو وشيكا. والتصنيف 5 “غير مرضي” يدل على أن البنوك تعاني ممارسات غير آمنة وبشكل كبير وكذلك تعاني من فشل شديد في الأداء وضعف أشد في مقابلة المخاطر، ولذا فهذا النوع يشكل قلقا كبيرا جدا لدي السلطات الرقابية لأن المشاكل تفوق مقدرة ادارة البنك وتحتاج البنوك لمساعدات إسعافيه طارئة ومتابعة لصيقة دقيقة، مع احتمال الانهيار التام للبنك في أي لحظة.
ان التقييم والتصنيف المهني السليم يمكن السلطات الرقابية وكذلك البنوك نفسها من معرفة حقيقة الوضع والي أين الاتجاه الذي تشير له بوصلة التقييم. وكذلك فان هذا الوضع يعتبر “جرس انذار” يمنح كل الأطراف الفرصة لمعرفة الخطر وكيفية مجابهته وما هي الوسائل المطلوبة لهذه المواجهة. وبموجب القوانين والممارسات المصرفية السليمة، على كل البنوك الوقوف صفا واحدا مع السلطات الرقابية وفي نفس الخندق للعمل سويا بعزيمة واحدة للوصول للتقييم السليم الذي يوضح التصنيف المستحق لكل البنوك ولكل بنك على حدة… والوصول لهذه المرحلة المتقدمة من التعاون، في نظرنا، يدلل على متانة وعلى حرص الصناعة المصرفية في مواصلة المشوار بكل الشفافية المطلوبة لتحقيق الريادة والتقدم في هذا القطاع الحساس والهام الذي يلجأ له الجميع بثقة لوضع أموالهم وأماناتهم. والتقييم الصحيح والتصنيف المنهجي يضع عمل البنوك في الاطار السليم للحماية، وفي نفس الوقت يعمل على توفير الثقة في البنوك لتنطلق في مسيرتها لتحقيق أهدافها..
المستشار د. عبد القادر ورسمه غالب
المؤسس والمدير التنفيذي
ع \ شركة د. عبد القادر ورسمه للاستشارات ذ.م.م البحرين \ دبي