الخميس 30 يناير 2020 جريدة عمان الوفاء عبر المقاصــــة

. عبد القادر ورسمه غالب

يتضمن القانون المدني ، في دول الخليج عموما، أحكاما هامة لتنظيم وتقنين المعاملات المدنية. ومن أهم هذه الأحكام  تلك المتعلقة بانقضاء الالتزامات الخاصة بالعقود وغيرها من الالتزامات القانونية. قانونا، ينقضي الالتزام بالوفاء التام به والكامل وفق الاتفاق أو ينقضي بما يعادل الوفاء. والانقضاء بما يعادل الوفاء، يحدث في عدة حالات منها الوفاء بمقابل، أو التجديد، أو الانابة في الوفاء، أو اتحاد الذمة، أو المقاصة. ولكل من هذه الحالات شروطها ومتطلباتها واجراءاتها. وللأهمية، سنتناول هنا كيفية انقضاء الوفاء بالمقاصة لكثرة اللجوء اليه. وللمدين حق المقاصة بين ما هو مستحق عليه لدائنه، وما هو مستحق له قبل هذا الدائن ولو اختلف سبب الدينين . هذا الحق حتى إذا كان موضوع كل منهما نقوداً أو مثليات متحدة في النوع والجودة، وكان كل منهما خالياً من النزاع مستحق الأداء صالحاَ للمطالبة به أمام القضاء.

Asia 728x90

  ولا يمنع اتمام المقاصة أن يكون ميعاد الوفاء قد تأجل بناء على نظرة منحها القاضي أو تبرع بها الدائـــن بنفسه. وتجوز المقاصة ولو اختلف مكان الوفاء في الدينين، وفي هذه الحالة يجب على من يتمسك بالمقاصة أن يعوض الطرف الآخر عما لحقه من ضرر لعدم تمكنه بسبب المقاصة من استيفـــاء حقه أو الوفاء بدينه في المكان الذي عين لذلك.   

ويجوز أن تـقع المقاصة في الديون أيا كان مصدرها وذلك فيما عدا بعض الأحوال ونذكر منها، اذا كان محل أحد الالنزامين رد شيء نزع دون حق من يد مالكه، أو اذا كان أحد الالتزامين رد شئ مودع أم معار، أو اذا كان أحد الدينين حقا غير قابل للحجز، أو اذا كان أحد الدينين مستحقا للنفقة. وهذا يعني أن وفاء الديون بللمقاصة لا يتم في جميع الحالات وأن هناك بعض الاستثناءات التي يجب مراعاتها.

ومن الأحكام الهامة، أن المقاصة لا تقع إلا إذا تمسك بها من لـه مصلحة فيها ولا يجوز النزول عنها قبل ثبوت الحق فيها. ويترتب على المقاصة انقضاء الدينين بقدر الأقل منهما منذ الوقت الذي يصبحان فيه صالحين للمقاصة. وإذا تعـــددت ديون المدين فيكون تعيين التـقاص فيها كالتعيين عند الوفاء بها. إذا كان الدين لا تسمع به الدعوى لمرور الزمان وقت التمسك بالمقاصة فإن ذلك لا يمنع من وقوع المقاصة ما دامت المدة اللازمة لعدم سماع الدعوى لم تكن قد تمت في الوقت الذي أصبحت فيه المقاصة ممكنة. ولا يجوز أن تقع المقاصة إضراراً بحقوق الغير. فإذا أوقع الغير حجزاً تحت يد المدين، ثم أصبح المدين دائناً لدائنه بديــن صالح للتقاص فلا يجوز لـه أن يتمسك بالمقاصة إضراراً بالحاجز.

وإذا حول الدائن حقه للغير وقبل المدين الحوالة دون تحفظ فلا يجوز لهذا المدين أن يتمسك قبل المحال له بالمقاصة التي كان له أن يتمسك بها قبل قبوله للحوالة، ولا يكون له إلا الرجوع بحقه على المحيل بعد اعلان الحوالة. واذا وفى المدين دينا وكان له أن يطلب المقاصة فيه بحق له، امتنع عليه التمسك بالتأمينات التي تكفل حقه، اضرارا بالغبر، الا اذا كان يجهل وجود الحق.

استعمال المقاصة أمر شائع بين الشركات وحتي الأفراد، وهذا مستمر منذ مدة طويلة. ولكن لفت نظرنا، ان العديد من الأطراف يلجأون للمقاصة قبل أو دون التأكد من الأحكام القانونية الخاصة بها. واذا حدث هذا، قد ينقلب الأمر ويواجه الأطراف منازعات طويلة هم في غنى عنها. ومن المستحسن الالمام بهذه الأحكام القانونية وفهمها جيدا لتعم القائدة ويستفيد الجميع من المقاصة كمخرج قانوني ومحاسبي مقبول للوفاء بالالتزام والتحلل من شبح الديون. والوفائ بالالتزامات بأي طريقة كانت ، تدعم المعاملات التجارية وتوثق الثقة بين المتعاملين.

د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والرئيس التنفيذي

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات

البحرين \ دبي