الخميس 21 فبراير 2019 جريدة عمان فاتف وقائمة الاتحاد الاوربي للقائمة السوداء لغسل الأموال

د. عبد القادر ورسمه غالب

قبل أيام أصدر الاتحاد الأوربي قرار بإضافة دولا جديدة للقائمة السوداء للدول التي يرون أنها تتهاون في مجابهة جريمة غسل الأموال وتمويل الارهاب أو لعدم التعاون الكافي مع دول الاتحاد الأوربي أو عدم الشفافية الكافية في هذا الخصوص، أو لغير هذا وذاك من الأسباب. ومن بين هذه الدول نجد المملكة السعودية ونيجريا وبنما وغيرها من المناطق التابعة لأمريكا. وهذا القرار أثار عدة تساؤلات وانتقادات خاصة في ما يتعلق بالسعودية. فماذا ستعمل “فاتف” وما هو رد فعلها حيال هذه الموقف الأوربي الذي جاء، كما يقولون، بعد تعرض العديد من البنوك الأوربية لهزات صادمة تتعلق بغسل الأموال وتمويل الارهاب.

Asia 728x90

ونتساءل هنا ماذا ستفعل مجموعة ال “فاتف، وكلمة “فاتف” هي اختصار ل ” مجموعة العمل المالي”، وهي منظمة حكومية دولية مقرها باريس (شبيهة لحد ما بمنظمة الإنتربول) ولكنها متخصصة فقط في محاربة جرائم عسل الاموال وتمويل الارهاب. ونشاطها دولي لمحاربة هذه الجرائم الحديثة علي نطاق العالم، وتقوم بمساعدة الدول في هذا الخصوص وكذلك متابعة نشاط كل دولة واعداد تقارير بمدي جهدها واهتمامها بمحاربة الجرائم داخليا وكذلك التعاون الفني اللصيق مع بقية دول العالم لأن هذه الجرائم ذات طابع دولي وتنتقل كالبرق بين أطراف المعمورة وتستوطن في الاماكن الرخوة الصالحة للتوالد والانتشار. ومن أعمال “فاتف” اصدار قوائم تشمل الدول ذات التشريعات غير الكافية، والدول غير المتعاونة وكذلك قائمة تسمي “دول القائمة السوداء” ولكل من هذه القوائم تبعاته والتزاماته. ولذا نتساءل ماذا سيكون موقف “فاتف” من القائمة الجديدة التي أصدرها الاتحاد الاوربي، وهل قام الاتحاد بالتنسيق أو التشاور مع “فاتف” قبل اصدار القائمة ؟ وما انعكاسات هذا التصرف علي الدول المذكورة وعلي الشركات الأوربية التي تتعامل معها بالبيع والشراء ؟

هناك بالطبع تأثير سلبي وضار بالدول التي يتم تضمينها في “القائمة السوداء” خاصة وأن سمعة المدرجين بالقائمة ستتضرر سلبا في التعامل علي مستوي العالم، اضافة الي إنه سيعقد وريما يقود أيضا لإيقاف العلاقات المالية والبنكية مع دول الاتحاد الأوروبي، وهي دول مهمة جدا وذات أهمية قصوي من جميع النواحي التجارية والاقتصادية والمصرفية وحتي الاستراتيجية. ويجب على بنوك الاتحاد الاوربي إجراء فحص إضافي على المدفوعات المتعلقة بالدول والمناطق المدرجة في القائمة السوداء. مع العلم أن القائمة التي تصدر من الاتحاد الأوربي توسعت جدا لأنها كانت تحوي 16 دولة والان تشمل 23 دولة واقليم. ووفق النظام الأوربي، هناك فترة زمنية يجب علي الدول في الاتحاد الاوربي الموافقة علي القائمة التي أعدتها سكرتارية الاتحاد الأوربي أو عدم الموافقة عليها وبالتالي رفضها اذا لم توافق عليها الأغلبية. والجميع يترقب ما سيحدث، وعلي الدول التي تم ضمها أخيرا، وتهمنا السعودية، التحرك السريع لتوضيح موقفها لكل الدول الأوربية على حدة حتي تكون علي بينة من الأمر قبل الموافقة أو عدم الموافقة علي قرار سكرتارية الاتحاد الأوربي. ومن الجدير بالذكر، أن بريطانيا والمانيا وفرنسا وغيرهم غير مرتاحين للقرار، وخاصة بريطانيا التي أعبرت بشدة عن عدم موافقتها علي ضم السعودية للقائمة، اضافة الي أنها قالت أن القائمة الجديدة الصادرة من الاتحاد الأوربي ستربك الدول نظرا لوجود التعارض بين القائمة الجديدة وقائمة “فاتف” التي تتبعها كل الدول الأوربية في الوقت الحاضر. والموقف البريطاني، كما يتضح، يؤيد قائمة “فاتف” ويدعو للالتزام بها وعدم خلق بلبلة أو ارباك حول تطبيق الأسس العالمية المتبعة لمحاربة جرائم غسل الأموال وتمويل الارهاب.  

وهناك من ينتقد قرار الاتحاد الأوربي ويقول إن القائمة لم تدرج عدة دول ضالعة في فضائح غسل أموال في أوروبا، وأن أكبر ماكينات غسل الأموال ما زالت تعمل ليل نهار دون حسيب أو رقيب حتي من داخل أوربا نفسها ولا يسألها أحد بالرغم من أنها معروفة. ودفاع الاتحاد الأوربي أن هناك العديد من الدول تحت الدراسة وجمع المعلومات للقرار النهائي بشأنها.

لا أعلم حتي الأن، ما هو موقف منظمة “فاتف” وماذا ستفعل حيال هذه التطورات الأوربية، وهل ستعمل علي تعديلها أو تأخيرها أو غير ذلك، أم ستصمت وتترك الأمر يخرج عن يدها لجهات أخري ربما تتكاثر مع مرور الزمن وتعارض وتضارب المصالح. ان أمر مكافحة جريمة غسل الأموال وتمويل الارهاب من الأمور الهامة التي يجب قياسها بمقياس فني مهني قانوني منضبط وقفل الباب للتدخلات التي ربما تكون لأغراض خارج الاختصاص “ألترا فايرس” .. نأمل ذلك وندعو اتخاذ كل الاحتياطات القانونية الضرورية لمنع وكبح جماح الجريمة ومن يقفون خلفها.

د. عبد القادر ورسمه غالبع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات