الخميس 2 أغسطس 2018 جريدة عمان شركة بارنز آند نوبل وردود الأفعال بعد فصل الرئيس التنفيذي

د. عبد القادر ورسمه غالب

أصدر مجلس ادارة شركة “بارنز آند نوبل” الأمريكية قرار مفاجئا بالفصل الفوري للرئيس التنفيذي للشركة “مستر ديموس بارنيروس”، ولم يتضمن القرار الذي أصدره مجلس الادارة بفصل الرئيس التنفيذي أي معلومات عن أسباب هذا الفصل المفاجئ خاصة وأن الشركة في خضم منافسة شرسة مع منافسيها خاصة شركة أمازون والشركات الأخرى العاملة في مجال التجارة التقنية.

Asia 728x90

ان هذا الأمر له أبعاده وما بعده خاصة وأن مبادئ حوكمة الشركات، والمطبقة في كل أرجاء العالم، تنادي بتبني مبدأ الافصاح والشفافية في كل الأمور المتعلقة بالشركة وخاصة شركات المساهمة العامة التي تتعامل مباشرة مع الجمهور والمستهلكين داخل وخارج أمريكا.

قرار الفصل هذا، أثار حفيظة العديد من الجهات المختصة وبالرغم الاستفسارات الا ان مجلس الادارة ظل صامتا ولم يحرك ساكنا وكأن الأمر لا يعنيه بشيء. وظل سبب أو أسباب الفصل الفوري والمفاجئ للرئيس التنفيذي في طي الكتمان والتستر التام. وهذا الموقف، بكل وضوح وفي هذا الوقت بالذات، يعتبر مخالفا لمبادئ حوكمة الشركات الخاصة بالإفصاح والشفافية كما يقول الكثيرون وهم مستغربون. ومما يزيد من أهمية التساؤل والاستغراب، أن عدة شركات كبيرة مثل شركة انتل، وشركة وينديهام وشركة برايس لاين وغيرهم أعلنوا عن أسباب فصل المدراء التنفيذيين قبل فترة وتم الافصاح التام حتي عن تلك المعلومات المتعلقة بالأسباب الشخصية والممارسات الجنسية والتحرش وغيره من الفضائح، وبالرغم من هذا الموقف العام فان شركة بارنز آند نوبل آثرت الصمت وتركته سرا في بئر عميق.. وهذا، بكل أسف، يتم بالرغم من صافرات الانذار المدوية في كل أرجاء العالم وهي تنادي بالإفصاح والشفافية ثم الشفافية والافصاح في كل الأمور المتعلقة بالأعمال وذلك حتي يعلم الجميع بما يدور داخل كواليس الشركة من أبيض أو أسود وبعيدا عن الضبابية وقفل أبواب المحسوبية وتغطية الأمورأبواب المحسزبية أ.

علي الجانب الآخر، ومن ضمن الآراء الهامة، هناك من يري أن الافصاح عن أسباب الفصل مثلا يكون ضروريا اذا كان متعلقا بسبب سوء التصرف في أموال الشركة وتضرر حقوق المساهمين. أي أن أسباب الفصل اذا كانت لأسباب لا يتضرر منها ملاك الشركة وأي مساهم، فليس هناك ما يستوجب الافصاح عنها وقد لا يفصح عنها منعا للقيل والقال وللمؤيد والرافض. ولكن، وعلي الجانب الآخر ايضا، اذا كان ملأ هذه الوظائف في الشركات الكبيرة يتم وفق اجراءات شفافة ومفصح ومعلن عنها، فلماذا عند الفصل لا تتم هذه الممارسات ويتم تجاوزها. وهنا تأتي ظلالا من الشك.

من دون شك، فان مثل هذا التصرف، قد يشكل سابقة يسير علي هديها من يري أن الاستئناس بها قد يكون في صالحه. ولكن هذا الموقف يعتبر شاذا ونشازا ويخالف أبسط قواعد حوكمة الشركات التي تتشدق بها أمريكا ليل نهار، بل وتتباري الشركات الأمريكية في هذا التشدق. ولتدارك مثل هذه المواقف، نري أنه يتوجب علي السلطات الرقابية وخاصة سلطات أسواق الأوراق المالية ومؤسسات حماية المستهلكين، طلب توضيح من الشركة عما تم لأن مثل هذه المعلومة مهمة جدا للمتعاملين مع أسهم وسندات الشركة عبر أسواق المال أو من مستهلكي منتجات وخدمات الشركة ومن حقهم معرفة مثل هذه التفاصيل، لأن من يملأ المراكز العامة يصبح ملك للعامة في العديد من النواحي العامة. ان كتمان السر وعدم الافصاح في مثل هذه الحالات يفتح الباب واسعا للآخرين ممن يتطلع لملأ هذا المنصب، فهو قد يأتي وفي ذهنه أن ما يفعله وخاصة من الأمور غير المقبولة سيظل غير معلوما للآخرين.. ولذا ليس هناك ما يردعه أو يخيفه من الآخرين وخاصة الجمهور العام. وهناك سابقة موجودة في الشركة قد يطالب باتباعها وتطبيقها عليه، اذا دعي الأمر لأي سبب من الأسباب.

ومن هذه التصرفات، يطرأ سؤال عام وهام، لماذا لا تفرض عقوبات مباشرة علي الشركات التي لا تبتزك بالمبادئ العامة لحوكمة الشركات. هذه العقوبات قد لا تشمل كل التصرفات المخالفة ولكنها علي الأقل يجب اللجوء اليها عند مخالفة الأحكام الرئيسية وعلي رأسها طبعا الإفصاح والشفافية. ان وضع أو فرض العقوبات من دون شك سيشكل رادعا قويا  للمخالفين وفي نفس الوقت سيدعم التوجهات الحثيثة نحو الالتزام التام بمبادئ حوكمة الشركات في كل الشركات التي يتعامل معها الجمهور وهو مطمئن من أنه يتعامل مع جهة مؤسسية محترمة وملتزمة بالمؤسسية خاصو ما جاء منها في أحكام حوكمة الشركات. ننصح كل الشركات بوضع مبادئ الحوكمة علي قائمة أولوياتها، وفي نفس الوقت الحرص علي تطبيقها كأولوية قصوي. ان الشركة التي تلتزم بهذه الأحكام ستجني الكثير وستحصد الكثير بمجرد علم الطرف الآخر بأنها تعمل بصورة مؤسسية ووفق مبادئ حومة الشركات التي تشكل حصنا منيعا لكل من يستند عليها. ولنفعل لنرتقي بشركاتنا ونحلق بها عبر المؤسسية الحاكمة…

د. عبد القادر ورسمه غالب

المؤسس والمستشار القانوني الرئيسي

المنامة – المنطقة الدبلوماسية – برج الدبلومات – الطابق 4 – شقة # 45

ع \ د. عبد القادر ورسمه للاستشارات